ودخل دمشق صحبة الحاج وأقام بمكة مجاورا ، وأقبلت عليه أهالي مكة المشرفة على عادتهم ، وقرأ عليه بعض أفاضلها ، ولقي حظا عظيما من شريفها المرحوم الشريف أحمد بن زيد لما كان بينهما من المودة والصحبة بالروم أيام كان وكنت ، حتى مدحه وأخاه الشريف سعد بقصيدة غراء مطلعها :
خليليّ إيه من حديث صبا نجد |
|
وإن حركت داء قديما من الوجد |
فآها على ذاك النسيم تأسفا |
|
وآه على آه تروّح أو تجدي |
عليلة أنفاس تصح نفوسنا |
|
معطرة الأردان بالشيح والرند |
وهيهات نجد والعذيب ودونه |
|
مهامه تغوي الكدر فيها عن الورد |
ومن كل شماخ الأهاضب خالط السحاب |
|
يروم الشمس بالصد والرد |
وتسرى الصبا منه فتمسي وبيننا |
|
من البون ما بين السماوة والسند |
سقى الله من نجد هضابا رياضها |
|
تنفس عن أذكى من العنبر الوردي |
وحيا الحيا حبا نعمنا بظله |
|
بنعمان ما بين الشبيبة والرفد |
تغازل غزلانا كوانس في الحشى |
|
أوانس في ألحاظها مقنص الأسد |
تحاكي الجواري الكنّس الزهر بهجة |
|
وتفضلها في رفعة الشان والسعد |
حجازية الألفاظ عذرية الهوى |
|
عراقية الألحاظ وردية الخد |
بعيدة مهوى القرط معسولة اللمى |
|
مرهّفة الأجفان عسّالة القد |
تميس وقد أرخت ذوائب فرعها |
|
فتخطر بين البان والعلم والفرد |
وتعطو بجيد عطّل الحلي حسنه |
|
كأن ظبية تعطو إلى ريّق المرد |
وكم ليلة باتت يداها حمائلي |
|
وباتت يدي من جيدها مطرح العقد |
ندير سلافا من حباب حبابها |
|
على حين ترشاف ألذ من الشهد |
ولما تمطى الصبح يطلب علمنا |
|
تكنفنا ليل من الشعر الجعد |
عفيفين عما لا يليق تكرما |
|
على ما بنا من شدة الشوق والوجد |
وقد كاد يسعى الدهر في شت شملنا |
|
ولكن توارى شفعنا عنه بالفرد |
انظر إلى هذا المعنى تجده في غاية اللطافة وكأنه اختلسه من قول بلديه ومعاصره المولى مصطفى البابي من قصيدة وهي :