الله النّيسابوري الحافظ قال : سمعت أبا بكر بن بالوية يقول : قال لي أبو بكر : محمّد بن إسحاق ـ يعني ـ ابن خزيمة بلغني أنك كتبت التفسير عن محمّد بن جرير؟ قلت : بلى ، كتبت التفسير عنه إملاء ، قال : كله؟ قلت : نعم ، قال : في أيّ سنة؟ قلت : من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ، قال : فاستعاره مني أبو بكر فردّه بعد سنين ، ثم قال لي : قد نظرت فيه من أوّله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير ، ولقد ظلمته الحنابلة.
أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري ، عن محمّد بن علي بن محمّد ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : وسألته عن محمّد بن جرير الطّبري؟ فقال : تكلّموا فيه بأنواع.
قرأت بخط أبي محمّد التميمي مما نقله من كتاب أبي محمّد عبد الله بن أحمد الفرغاني وقد لقي من حدثه عنه (١) قال : فتمّ من كتبه كتاب : «تفسير القرآن» وجوّده وبيّن فيه أحكامه وناسخه ومنسوخه ، ومشكله وغريبه ، ومعانيه ، واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه ، وتأويله ، والصحيح لديه من ذلك ، وإعراب حروفه ، والكلام على الملحدين فيه ، والقصص وأخبار الأمم ، والقيامة وغير ذلك مما حواه من الحكم والعجائب كلمة كلمة ، وآية آية من الاستعاذة إلى أبي جاد ، فلو ادّعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب ، كلّ كتاب منها يحتوي على علم مفرد عجيب مستقصى لفعل وتمّ من كتبه أيضا كتاب «القراءات» و «التنزيل» و «العدد» ، وتم أيضا كتاب «اختلاف علماء الأمصار» وأيضا «التاريخ» إلى عصره ، وتم أيضا تاريخ «الرجال» من الصحابة والتابعين والخالفين إلى رجاله الذين كتب عنهم ، ثم أيضا «لطيف (٢) القول في أحكام (٣) شرائع الإسلام» ، وهو مذهبه الذي اختاره وجوّده واحتجّ له ، وهو ثلاثة وثمانون كتابا ، منها كتاب البيان عن أصول الأحكام وهو رسالة اللطيف ، ثم أيضا كتاب «الخفيف في أحكام شرائع الإسلام» وهو مختصر لطيف ، ثم أيضا كتابه المسمى «التبصير» وهي رسالة إلى أهل آمل طبرستان يشرح فيها ما يتقلده من أصول الدين ، وابتدأ بتصنيف : «تهذيب الآثار» وهو من عجائب كتبه ، فابتدأ بما رواه أبو بكر الصّدّيق مما صح عنه بسنده ، وتكلم على كلّ حديث منه فابتدأ بعلله وطرقه وما فيه من الفقه والسنن واختلاف العلماء وحججهم ، وما فيه من المعاني والغريب وما يطعن فيه الملحدون والردّ عليهم ، وبيان
__________________
(١) رواه مختصرا في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٣ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٣.
(٢) استدركت اللفظة على هامش «ز» ، وبعدها صح.
(٣) في تاريخ الإسلام : أذكار.