الله عليهم ، وتكلم على تصحيح [حديث](١) غدير خمّ واحتج لتصحيحه ، وأتى من فضائل أمير المؤمنين علي بما انتهى إليه ، ولم يتم الكتاب ، وكان ممن لا يأخذه في دين الله لومة لائم ، ولا يعدل في علمه وبيانه حتى يلزمه لربه وللمسلمين إلى باطل لرغبة ولا رهبة (٢) مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد ، فأما أهل الدين والورع والعلم فغير منكر من علمه وفضله وزهده في الدنيا ، ورفضه لها مع إقبالها عليه ، وقناعته بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة (٣).
قال الفرغاني : وحدّثني هارون بن عبد العزيز قال : قال أبو جعفر الطّبري : استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله بثلاث سنين فأعانني (٤).
قال الفرغاني : وحدّثني شيخ من جيران أبي جعفر عفيف قال : رأيت في النوم كأني في مجلس أبي جعفر الطّبري والتفسير يقرأ عليه ، فسمعت هاتفا بين السماء والأرض يقول : من أراد أن يسمع القرآن كما أنزل وتفسيره فيسمع هذا الكتاب أو كلاما هذا معناه.
أخبرنا أبو منصور محمّد بن عبد الملك ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني القاضي أبو عبد الله محمّد بن سلامة القضاعي المصري ـ إجازة ـ حدّثنا علي بن نصر بن الصباح التغلبي (٦) ، حدّثنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار ، وأبو القاسم بن عقيل الورّاق (٧) أن أبا جعفر قال لأصحابه : أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا : كم يكون قدره؟ فقال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ثم قال : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا : كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك ، فقال : إنا لله ، ماتت الهمم ، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير (٨).
__________________
(١) زيادة للإيضاح عن تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء.
(٢) في «ز» : لرهبة.
(٣) من طريق أبي محمد الفرغاني رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٢ ، وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٤.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٤.
(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣.
(٦) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : علي بن أحمد بن الصناع.
(٧) «وأبو القاسم بن عقيل الوراق» مكانه بياض في تاريخ بغداد.
(٨) قوله : «فاختصره في نحو ما اختصر التفسير» ليس في تاريخ بغداد.