إن صحّ عزمك في الفراق فإنّني |
|
يوم الفراق أعدّ من قتلاك |
قال غيث : سألت أبا عبد الله بن الخيّاط الشاعر عن الكفرطابي فقال : شعره صالح ، وتندر له الأبيات الجيدة ، قلت : كان عندنا بصور ، وبلغني أنه أنفق جملة دنانير فقال : هو من أولاد الشهود ، وخلّف له أبوه عشرة آلاف دينار أنفقها.
قرأت بخط أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن صابر ، أنشدنا الشيخ أبو الحسن محمّد بن الحسن الكفرطابي بباب الصغير لنفسه (١) :
قد عبّرت عبرتي عن سرّ أجفاني |
|
وحاورت حيرتي من قبل إعلاني |
لا تسألوا كيف حالي بعد بعدكم |
|
قد خبّرتكم شئون العين عن شأني |
قال : وأنشدنا أبو الحسن لنفسه :
ودوح نزلناه فمدّ ستائرا |
|
وناب عن القينات فيه حمام |
مددنا شراع اللهو في كل روضة |
|
وطنّب (٢) فيه للسرور خيام |
عجبت له أنّى تشيب غصونه |
|
أوان شباب والزمان غلام |
وأيامنا بالنير (٣) بين كأنها |
|
إذا ما ذكرنا طيبهن منام |
وقد سالمتني في الزمان صروفه |
|
وبيني وبين الحادثات ذمام |
وعيش نعمنا فيه صاف من القذى |
|
وأعين ريب الدهر عنه نيام |
قرأت بخطه أيضا : أنشدنا الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسن (٤) الكفر طابي لنفسه :
دنياك راقت لرقة الدين |
|
تغري بالغرور ترديني |
تحول دون المنى المنون بها |
|
وكل حين داع إلى حين |
من سنة الغفلة انتبه سنه |
|
عمرك لاه بالعين والعين |
تلاف قبل التلاف يومك ذا |
|
أو خف غدا خفة الموازين |
ذكر شيخنا أبو محمد بن الأكفاني أن أبا الحسن الكفر طابي الشاعر كانت وفاته بدمشق سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
__________________
(١) البيتان في الوافي بالوفيات ٢ / ٣٥٦.
(٢) طنّب فيه : أي مدت أطنابه وطنبه وشدت. والأطناب والطنب بالضم وبضمتين حبل الخباء والسرادق (راجع اللسان ، وتاج العروس).
(٣) النير بين تثنية نيرب : والنّيرب بالفتح ثم السكون وفتح الراء ، قرية مشهورة بدمشق على نصف فرسخ.
(٤) صحفت بالأصل هنا إلى : الحسين.