عني (١) ، قال أبو عمرو الخفّاف : فأتيت محمّد بن إسماعيل ، فناظرته في شيء من الحديث حتى طابت نفسه ، فقلت : يا أبا عبد الله هاهنا رجل يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة ، فقال لي : يا أبا عمرو أحفظ ما أقول : من زعم من أهل نيسابور ، وقومس ، والري ، وهمذان ، وحلوان ، وبغداد ، والكوفة ، والمدينة ، ومكة ، والبصرة أنّي قلت : لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذّاب ، فإنّي لم أقل هذه المقالة ، إلّا أنّي قلت : أفعال العباد مخلوقة.
قال : وأنبأنا أبو عبد الله ، حدّثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدوية ، حدّثنا أبو العباس الفضل بن بسّام قال : سمعت إبراهيم بن محمّد يقول : أنا توليت دفن محمّد بن إسماعيل لما مات بخرتنك (٢) أردت حمله إلى مدينة سمرقند [لأجل](٣) أن أدفنه بها فلم يتركني صاحب لنا من أهل سكجكث (٤) فدفناه بها ، فلمّا أن فرغنا ورجعت إلى المنزل (٥) الذي كنت فيه قال لي صاحب القصر : قال : سألته أمس قلت : يا أبا عبد الله ما تقول في القرآن؟ قال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، قال : فقلت له : إنّ الناس يزعمون أنك تقول ليس في المصاحف قرآن ولا في صدور الناس؟! فقال : أستغفر الله أن تشهد عليّ بشيء لم تسمعه مني ، إنّي أقول كما قال الله : (وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ)(٦) أقول في المصاحف قرآن ، وفي صدور الناس قرآن ، فمن قال غير هذا يستتاب ، فإن تاب وإلّا فسبيله سبيل الكفر.
قال : وأنبأنا أبو عبد الله قال (٧) : سمعت أبا عمرو أحمد بن محمّد المقرئ يقول : سمعت أبا سعيد بكر بن منير بن خليد بن عسكر يقول (٨) : بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمّد بن إسماعيل أن احمل إليّ كتاب «الجامع» و «التاريخ» وغيرهما لأسمع منك ، فقال محمّد بن إسماعيل لرسوله : أنا لا أذلّ العلم ، ولا أحمله إلى أبواب الناس ، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فاحضرني في مسجدي ، أو في داري ، وإن لم يعجبك هذا
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، ود : عنه.
(٢) خرتنك : بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وفتح التاء المثناة من فوقها وسكون النون وبعدها كاف ، قرية من قرى سمرقند. وفي سير أعلام النبلاء أنها على فرسخين منها.
(٣) سقطت من الأصل ود ، واستدركت عن «ز».
(٤) إعجامها مضطرب بالأصل ، و «ز» ، ود ، والمثبت والضبط عن معجم البلدان ، وهي قرية على أربعة فراسخ من بخارى على طريق سمرقند.
(٥) في «ز» : البيت.
(٦) سورة الطور ، الآية : ٢.
(٧) الخبر من هذا الطريق في تاريخ بغداد ٢ / ٣٢.
(٨) من طريقه روي الخبر في تاريخ بغداد ٢ / ٣٣ وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٤ وتهذيب الكمال ١٦ / ١٠٥.