حميد بن زياد قال : قلت لمحمّد بن كعب القرظي يوما : ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما كان من رأيهم ، وإنّما أريد الفتن فقال : إنّ الله قد غفر لجميع أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأوجب لهم الجنّة في كتابه ، محسنهم ومسيئهم ، قلت : في أيّ موضع أوجب الله لهم الجنّة في كتابه؟ فقال (١) : سبحان الله ، ألا تقرأ قوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) إلى آخر الآية (٢) ، فأوجب الله لجميع أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم الجنّة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطا لم يشرطه عليهم ، [قلت : وما اشترط عليهم؟](٣) قال : اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان ، يقول : يقتدون بأعمالهم الحسنة ، ولا يقتدون بهم في غير ذلك ، قال أبو صخر : فو الله لكأنّي (٤) لم أقرأها قطّ ، وما عرفت تفسيرها حتى قرأها عليّ محمّد بن كعب.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلص ، ثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، ثنا زكريا بن يحيى المنقري ، ثنا الأصمعي ، ثنا أبو المقدام هشام بن زياد ، عن محمّد بن كعب القرظي أنه سئل : ما علامة الخذلان؟ قال : أن يستقبح الرجل ما كان يستحسن ، ويستحسن ما كان قبيحا (٥).
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي قال : قرأت على أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم بتنيس قلت له : أخبركم أبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمّد بن إسحاق ، ثنا أبو مسلم محمّد بن أحمد الكاتب ، ثنا أبو بكر بن دريد ، أنبأنا أبو حاتم عن الأصمعي قال : قال لنا يونس : كتب عمر بن عبد العزيز إلى محمّد بن كعب القرظي ، فكتب إليه : إنّ ابن آدم مطبوع على أخلاق شتى ، كيس ، وحمق ، وجرأة ، وجبن ، وحلم ، وجهل ، فداو بعض ما فيك ببعض ، وإذا صحبت فاصحب من كان ذا نية في الخير يعنك على نفسك ويكفيك مئونة الناس ، ولا تصحب من الأصحاب من خطرك عنده على قدر حاجتك إليه ، فإذا انقطعت انقطعت أسباب مودتك من قلبه ، وإذا غرست غرسا من المعروف فلا يضق (٦) ذرعك أن تربّيه.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن السّوسي ، أنبأنا علي بن الحسن بن عبد السّلام ،
__________________
(١) من قوله : قلت ... إلى هنا سقط من «ز».
(٢) سورة التوبة ، الآية : ١٠٠.
(٣) الزيادة للإيضاح عن «ز».
(٤) الأصل : «لكأن» والمثبت عن «ز».
(٥) حلية الأولياء ٣ / ٢١٤.
(٦) بالأصل : يضيق ، والمثبت عن «ز».