عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الله الرازي يقول : سمعت القناد يقول : سمعت أبا الحسين (١) النوري يقول : رأيت غلاما جميلا ببغداد فنظرت إليه ثم أردت أن أردّد النظر ، فقلت له : تلبسون النعال الصّرّارة ، وتمشون في الطرقات؟ قال : أحسنت ، أتجمّش بالعلم (٢) ، ثم أنشأ يقول :
تأمل بعين الحق إن كنت ناظرا |
|
إلى صفة فيها بدائع فاطر |
ولا تعط حظ النفس منها لما بها |
|
وكن ناظرا بالحقّ قدرة قادر |
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي الصوري محمّد بن أبي نصر محمّد بن محمّد بن عبد الرّحمن أبو عبد الله الصوفي الطالقاني ـ طالقان مرو الروذ (٣) ـ سافر قطعة كبيرة من البلاد ، وتردّد إلى صور ، ثم استوطنها إلى أن مات فيها ، وحدّث بها عن أبي عبد الرّحمن السلمي (٤) بكتاب طبقات الصوفية تأليفه ، وعن أبي محمّد بن أبي نصر (٥) ، وأبي الحسين أحمد بن محمّد الستيتي ، وأبي محمّد بن جميع ، وغيرهم ، كتبنا عنه ، وكان سماعه صحيحا في الأصول الشاميّة ، فأمّا كتاب الطبقات فإنّي سمعت غير واحد يتكلم فيه بسببه وينكر سماعه من أبي عبد الرّحمن ، فالله أعلم ، وحدّثني أن أول دخوله الشام في سنة خمس عشرة ، وفيها سمع من الستيتي (٦) ، وابن أبي نصر ، ورأيت أنا بدمشق وبصور على أصولهما سماعه بعد موته وقبله ، وكان خيّرا ، كثير الدرس للقرآن ، توفي في يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي القعدة سنة [ست](٧) وستين وأربعمائة ، ودفن بالغد في الخربة ، رحمهالله ، وكنت سألت عن مولده قبل وفاته فذكر أنه في عشر الثمانين.
وذكر أبو الفرج في موضع آخر : أنه كان قد نيّف على الثمانين.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ قال : حدّثني أبو الفرج غيث بن علي قال : توفي أبو عبد الله محمّد بن أبي نصر الطالقاني يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي القعدة
__________________
(١) أقحم بعدها بالأصل : يقول.
(٢) التجميش : المغازلة.
(٣) بالأصل و «ز» : «مروذ» والمثبت عن معجم البلدان.
(٤) تحرفت بالأصل إلى : السابي ، والمثبت عن «ز».
(٥) زيد بعدها في «ز» : وأبي الحسين بن أبي نصر.
(٦) في معجم البلدان : «من أبي نصر الستيني» (كذا فيه).
(٧) زيادة عن «ز».