أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا محمّد بن العباس ، أنبأنا أحمد ابن معروف ، ثنا الحسين بن فهم ، ثنا ابن سعد ، أنبأ محمّد بن عثمان ، ثنا عبد الله بن جعفر (١) ، عن أبي عون مولى المسور قال : وحدّثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال : وحدّثنا أسامة بن زيد الليثي عن يزيد بن أبي حبيب قالوا :
عزل عثمان بن عفّان عمرو بن العاص عن خراج مصر ، وأقرّه على الجند والصّلاة ، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح الخراج فتباغيا (٢) فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان أن عمروا قد كسر على الخراج وكتب عمرو بن العاص إلى عثمان أن عبد الله بن سعد قد كسر على مكيدة الحرب ، فعزل عثمان عمرو بن العاص عن الجند والصلاة ، وولّى ذلك عبد الله ابن سعد مع الخراج ، فانصرف عمرو مغضبا ، فقدم المدينة ، فجعل يطعن على عثمان ويعيبه ، ودخل عليه يوما وعليه جبّة له يمانية محشوّة بقطن فقال له عثمان : ما حشو جبّتك هذه يا عمرو؟ قال : حشوها عمرو ولم أرد هذا يا بن النابغة ، ما أسرع ما قمل جربّان جبّتك ، وإنّما عهدك بالعمل عام أول ، تطعن ، عليّ وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر ، فقال عمرو : إنّ كثيرا مما ينقل الناس إلي ولا تهم باطل ، فقال عثمان : قد استعملتك على ظلعك فقال عمرو : وقد كنت عاملا لعمر بن الخطّاب ففارقني وهو عليّ راض ، فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقن (٣) عليه ، فجعل يؤلّب عليه الناس ويحرّضهم فلما حصر عثمان الحصر الأول خرج عمرو من المدينة حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع (٤) فنزل في قصر يقال له العجلان ، فلما أتاه قتل عثمان قال : أنا أبو عبد الله إذا أحك قرحة نكأتها ، يعني أني قتلته بتحريضي عليه ، وأنا بالسبع ، وقال : أتربص أياما وأنظر ما يصنع الناس.
فبلغه (٥) أن عليا قد بويع له ، فاشتد ذلك عليه. ثم بلغه أن عائشة وطلحة والزبير ساروا إلى الجمل فقال : أستأني وانظر ما يصنعون ، فلم بشهد الجمل ولا شيئا من أمره. فلما أتاه الخبر بقتل طلحة والزبير أرتج عليه أمره. فقال له قائل : إن معاوية لا يريد أن يبايع لعلي فلو
__________________
(١) الخبر من طريقه روي في تاريخ الطبري ٢ / ٦٥٦ (ط. بيروت) حوادث سنة ٣٥.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : فتشاغبا.
(٣) في الطبري : محتقد.
(٤) بالأصل : «السيم» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ الطبري وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٩٣. والسبع : ناحية من فلسطين بين بيت المقدس والكرك فيه سبع آبار ، وكان ملكا لعمرو بن العاص أقام به لما اعتزل الناس (معجم البلدان).
(٥) من هنا في تاريخ الطبري ٣ / ٦٩ (حوادث سنة ٣٦). ط. بيروت.