يومئذ الفرخان فانهزم محمّد بن عمير ، فبعث عامر بن مسعود عتاب بن ورقاء الرياحي ، ومعه ثلاثة بنين : محشرج أحد بني ثعلبة بن يربوع فقاتلوا معه يومئذ قتالا شديدا فقتل أحدهم الفرخان (١) الرازي ، وانهزم المشركون.
قرأت بخط أبي الحسين الميداني في سماعه من أبي سليمان بن زبر ، أنبأنا أبي ، أنبأنا محمّد بن عبد السّلام ، حدّثني محمّد بن أبي السّري ، ثنا هشام بن محمّد الكلبي (٢) ، أخبرني أبو عبد الله النخعي قال : لمّا فرغ الحجّاج بن يوسف من دير الجماجم وفد على عبد الملك ابن مروان ومعه أشراف أهل الكوفة وأهل البصرة فأدخلهم على عبد الملك ، فبينما هم عنده يوما ، إذ تذاكروا البلدان (٣) ، فقال محمّد بن عمير بن عطارد : أصلح الله أمير المؤمنين ، نحن أوسع منهم [برية ، وأسرع منهم](٤) في السّرية ، وأكثر منهم نقدا (٥) وقندا وعاجا وساجا ، ويأتينا ماؤنا عفوا صفوا ، ولا يناله غيرنا إلّا بقائد وسائق ، وناعق ، فقال الحجّاج : أصلح الله أمير المؤمنين إنّ لي بالبلدين خبرا ، وقد أوطنتهما جميعا قال له : قل وأنت عندنا مصدّق ، فقال : أما البصرة فعجوز شمطاء وفراء ، غرّاء (٦) أوتيت من كل زينة ، وأمّا الكوفة فشابّة حسنة جميلة لا حليّ لها ولا زينة ، فقال عبد الملك : فضّلت الكوفة على البصرة.
أنبأنا أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمّد ، وأبو الفضل محمّد بن ناصر ، قالا : أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو الطيب عثمان ابن عمرو بن المنتاب ، أنبأنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن نصير الخوّاص ، ثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن مسروق ، ثنا محمّد بن الحسين البرجلاني ، ثني يوسف بن الحكم أن أبا عبد السّلام بن سليم مولى مسلمة بن هشام قال : قدم محمّد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميميّ على عبد الملك بن مروان ، فأنزله على نفسه وكان من سمّاره وحدّاثه ، قال محمّد بن عمير : فبينا نحن عند عبد الملك ليلة نتحدث إذ قرع الحاجب الباب ، فقال له عبد الملك : ما وراءك؟ قال : رسول موسى بن نصير ، أرسل إليه بجارية أندلسية لم ير بالمغرب مثلها ، فقال : أدخلها عليّ ، فأدخلت ، فرفع عبد الملك رأسه إليها وأكببنا قال : فقال عبد
__________________
(١) في تاريخ خليفة : «البرجان» ولم يزد.
(٢) الخبر في معجم البلدان (الكوفة).
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : «البلد» وفي معجم البلدان : تذاكروا أمر الكوفة والبصرة.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز» ، والمختصر.
(٥) النقد : محركة : الغنم. والقند : عسل قصب السكر.
(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وفي معجم البلدان : بخراء دفراء.