يذاكر بذلك من يذاكره ، ويبتدئ بما خطر له منه من حضره ، وإن لم يسأله عن شيء منه رغبة في تعليم (١) العلم مع حسن خلقه وتواضعه وانبساطه وإعانته من يقرأ عليه بالإشارة بيده وفيه ، مرة إلى الضم ، ومرة إلى الفتح ، ومرة إلى الكسر ، ومرة إلى الإدغام ، ومرة إلى الإظهار بإشارات عرفت منه ، وفهمت عنه لأخذه نفسه بها ومواظبته عليها ، وكان يقصد لإتقانه وجمعه للقراءات وأخذه بها على الناس ، ولما وصفته به علو مرتبته وذكر [ته به](٢) من سنيّ منزلته لما تكاملت به جلالته من نقله قراءة عبد الله بن عامر ، والأخفش [قراءته](٣) إياها عليه أو أخذه بها على الناس قبل فناء إقرائه من أصحاب الأخفش ، وتعرفنا بهم ولأجل هذه الجلالة لما قدم بغداد وحضر مجلس أبي بكر بن مجاهد قال لأصحابه : هذا صاحب الأخفش الدمشقي اقرءوا عليه ، فكان ممن قرأ عليه أبو الفتح بن [بدهن](٤). أخبرني بذلك الثقة من أصحاب ابن بدهن وكان رحمهالله يذاكر بالشواذّ من وجوه القراءات من ذاكره بذلك بعد الفراغ من المذاكرة بالمعروف المشهور من القراءات ، وما علمته فيما كنت انقطع إليه وآتيه من طول الزمان وكثرة السنين أنه كان يقرئ هذه القراءة بغير ما نقله عن الأخفش عن ابن ذكوان من رواية هشام بن عمّار ، ولا غيرها من الروايات على كثرة رواياتها ورواتها ، فأخبرنا بعد قراءتي عليه هذه القراءة أنه قرأ على أبي عبد الله هارون بن موسى بن شريك الأخفش إمام الشام.
قال : نا عبد الله بن ذكوان قال : قرأت على أيوب بن تميم التميمي قال عبد الله : قال لي أيوب بن تميم : قرأت على يحيى بن الحارث الذماري (٥) ، قال أيوب : قال لي يحيى : قرأت على عبد الله بن عامر ، قال عبد الله بن ذكوان : قرأ عبد الله بن عامر على رجل ، قال أبو عبد الله الأخفش : لم يسمّ لنا عبد الله بن ذكوان الرجل الذي قرأ عليه عبد الله بن عامر ، وسمّاه لنا هشام بن عمّار ، قال : إنّ الرجل الذي لم يسمّه لكم عبد الله بن ذكوان هو المغيرة ابن أبي شهاب المخزومي ، قال عبد الله : وقرأ الرجل على عثمان ، قال أبو الحسن علي بن داود : وقد ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرزّاق الأنطاكي المقرئ (٦) المصنّف لكتاب السنّة
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن د.
(٢) بياض بالأصل ، والمثبت عن د.
(٣) بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة عن د.
(٤) بياض بالأصل ، وإعجامها ناقص في د ، والمثبت عن معرفة القراء الكبار وغاية النهاية.
(٥) رسمها بالأصل : «الرماني» والمثبت عن د ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ٦ / ١٨٩.
(٦) تحرفت في الأصل إلى : «المصري» ، والمثبت عن د.