عيسى بمن معه من الجيش إلى الريّ ، ووافاه طاهر بن الحسين بمن معه فالتقوا بأكناف الريّ ، فقتل علي (١) بن عيسى وانفضّ عسكره ذلك يوم الجمعة لأربع بقين من شوال سنة خمس وتسعين ومائة ، فقوي أمر المأمون عند ذلك بخراسان وسلّم عليه بالخلافة ، وضعف أمر محمّد ولم يزل في سفال وإدبار ، وجيوش المأمون تدقّ أصحابه في البلاد وتنفيهم عنها ، وتغلّب المأمون عليها ، ويدعى له بها إلى أنصار طاهر بن الحسين صاحب جيش المأمون وهرثمة بن أعين إلى مدينة السلام ، فحصرا محمّدا [فكان طاهر من الجانب الغربي ، وهرثمة من الجانب الشرقي إلى أن قتل محمد ببغداد على يدي هرثمة](٢) ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، وكان بين ورود طاهر إلى أكناف بغداد وشغب أهل الحربية على محمّد وإدخالهم طاهر إلى بغداد وإحاطته بمحمّد وحصره إيّاه في مدينة أبي جعفر إلى يوم قتله أربعة عشر شهرا وسبعة (٣) عشر يوما ، ولم يبق في يد محمّد من الدنيا في وقت قتله غير الموضع الذي هو محصور فيه ، من مدينة أبي جعفر يخاطبه من معه فيه بالخلافة ويسلم عليه بإمرة المؤمنين ، وسائر المواضع في يدي المأمون قد غلب له عليها يدعى له بها ، وكان محمّد خلع بمدينة السلام قبل ورود طاهر إليها على يدي الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وتسعين ومائة ، وحبسه الحسين في قصر أبي جعفر ، وحبس معه أمّه وولده ، وأقام في محبسه يومين ، وأخذ الحسين البيعة على جميع من حضره للمأمون بالخلافة ، فبايعوا له وطالبوا الحسين بوضع العطاء وإخراج الأموال ، ولم يكن معه مال فوعدهم ومنّاهم ، ودافعهم فشغبوا عليه ، ووثبوا ، وأخرجوا محمّدا من محبسه ، فأعادوه إلى مجلسه وبايعوه بيعة مجددة وذلك يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب ، ثم جددوا له البيعة يوم الجمعة لست عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وتسعين ومائة.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، نا نصر بن إبراهيم ، وعبد الله بن عبد الرزّاق.
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن زيد السلمي ، أنا نصر بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن بن عوف ، أنا أبو علي بن منير ، أنا أبو بكر بن خريم قال : سمعت هشام بن عمّار يقول : ولي
__________________
(١) وذبح وحملت رأسه إلى المأمون ، فطيف بها في خراسان ، كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٥٦.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن د.
(٣) بالأصل : «وسبع» والمثبت عن د ، وفي المختصر : تسعة عشر.