فقد أبان لنا ربنا بفضله وإنعامه علينا في هذا الباب قصد السبيل ، وأوضح لنا محجة الاقتصاد والتعديل ، وبيّن أن بين الإسراف والتبذير طريقا أمما ، وصراطا قيما ، فإياه نسأل توفيقا لسنن أولى الفضل ، وهدايتنا سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وقد روينا عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا يعيل أحد على قصد ، ولا يغني أحد على سرف كبير» [١١٨٤٣].
معنى يعيل هاهنا : يفتقر ، يقال : عال الرجل ، يعيل عيلة إذا افتقر ، قال الشاعر :
فما (١) يدري الفقير متى غناه |
|
ولا يدري الغني متى يعيل (٢) |
وجاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
«إن المؤمن آخذ عن ربه أدبا حسنا ، فإذا وسع عليه وسّع ، وإذا أمسك عليه أمسك» [١١٨٤٤].
أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ، وأبو الحسين بن النقور ، وأبو علي محمّد بن وشاح.
وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور.
قالوا : أنا علي بن يحيى ، نا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي ، نا أبو السكين ، حدّثني عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن مهلّب ، حدّثني طاوس قال :
دخلت الحجر فإذا الحجّاج جالس فيه ، فمرّ به رجل ، فدعاه قال له : من أي بلد أنت؟ قال : من أهل اليمن ، قال : فكيف خلفت محمّد بن يوسف؟ قال : خلفته عظيما جسيما ، قال : أفما علمت أنه أخي؟ قال : أخبرني : أخاك بك أعز مني بالله؟ قال : فو الله ما ساكه سوكة ولا سمعت كلاما قط كان أسرّ إليّ منه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، نا سعيد بن أسد ، نا ضمرة ، عن ابن شوذب قال : قال عمر بن عبد العزيز : الوليد بن عبد الملك بالشام ، والحجاج بالعراق ، ومحمّد بن يوسف باليمن ، وعثمان ابن حيان بالحجاز ، وقرّة بن شريك بمصر ، امتلأت (٣) الأرض والله جورا.
__________________
(١) الأصل : «لما» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) البيت في اللسان «عيل» لأحيحة بن الجلاح.
(٣) بالأصل : «امتلأ».