فأخرجه عنه ، فلمّا علم اختياره له قال (١) أبو تمام : اسمع ما جاء ، فقال : وعلى هذه السرعة؟ قال : نعم ، وأنشده (٢) :
اسمع مقالي وخير القول أصدقه |
|
وإنّما لك من ذي اللّبّ منطقه |
وبابك الدهر مفتوح لطارقه |
|
غيري ويطرق دوني حين أطرقه |
إنّي أحبّك فاسمع قول ذي ثقة |
|
ما المال مالك إلّا خير تنفقه |
والناس شتّى فذو لؤم وذو كرم |
|
والعرض سور وبذل العرف خندقه |
والسور ما لم يكن ذا خندق غدق |
|
بالماء هان على الراقي تسلّقه |
ها قد هززت وما في الهزّ منقصة |
|
والمسك يزداد طيبا حين تنشقه |
بل قد كشفت قناع العتب معتذرا |
|
إلى السؤال فقل لي كيف أغلقه |
فقال له : أغلقه ، واقطع القول ، وخذ البرذون بسرجه ولجامه.
قرأت في كتاب أبي الحسين الرّازي ، حدّثني علي بن الحسين بن السفر ، حدّثني أبي عن أبيه قال :
لمّا صرف مالك بن طوق عن دمشق قال (٣) : ففي وقت رحيله عنها خرج إلى المسجد وجلس في القبّة التي في وسط جامع دمشق ، ودعا بالذين لهم عليه الديون ، وكان عليه لتجار أهل دمشق ثلاثون ألف دينار دينا ، فقال لهم ولجميع الناس : إنّي دخلت دمشق ومعي أموال كثيرة ، وهائذا (٤) أخرج عنها ، وعليّ ثلاثون ألف دينار ، دين لحقني في بلدكم ، لأني صرفت هذا المال كله في الناس في بلدكم على الغني والفقير ، ثم قال للدائنين (٥) : من شاء منكم أن يقيم في موضعه وأنفذ (٦) نفذ إليه ماله فعل ، ومن شاء أن يخرج معي أكرمته ، ووفّيته حقه ، وينصرف شاكرا ، إن شاء الله.
قال : فوفى لهم بما قال.
ذكر أبو الحسن محمّد بن أحمد بن .... (٧).
__________________
(١) بالأصل : فقال.
(٢) الأبيات ليست في ديوان أبي تمام ـ ط بيروت.
(٣) الخبر في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.
(٤) بالأصل والمختصر : وهو ذا.
(٥) بالأصل : «للمداينين».
(٦) مكررة بالأصل.
(٧) كلمة غير واضحة ونميل إلى قراءتها : «الفراس» ولعل الصواب : ابن أبي الفوارس.