من الخمس ، فأمّا عبد الله فأنفذ كتابه ، وأما مالك فلم ينفذه ، فلمّا قدما على معاوية بدأه في الإذن ، وفضّله في الجائزة ، وقال له عبد الله : أنفذت كتابك ولم ينفذه ، وبدأته في الإذن وفضّلته في الجائزة ، فقال : إنّ مالكا عصاني وأطاع الله ، وإنك عصيت الله وأطعتني ، فلمّا دخل عليه مالك قال : ما منعك أن تنفذ كتابي؟ قال : ما كان أقبح بك وبي أن نكون في زاوية من زوايا جهنم تلعنني وألعنك ، وتلومني وألومك ، وتقول لي : هذا عملك ، وأقول : هذا عملك.
قال : ونا ابن عائذ ، نا إسماعيل بن عياش ، عن عطية بن قيس ، عن بعض من كان يلزم مالك بن عبد الله الخثعمي بأرض الروم قال :
أيقنته فما وجدت منه ريح طيب في شيء من أرض الروم حتى أجاز الدرب (١) قافلا ، فذكرت ذلك له. قال مالك : وحفظت مني؟ قال : نعم ، قال : ما كان يسوغ لي أن أتطيّب لما يهمني من أمر رعيتي حتى سلّمهم الله ، فلمّا سلّمهم الله وأمنت تطيّبت.
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي العلاء ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن النصر ، نا معاوية ، عن أبي إسحاق الفزاري ، عن صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر قال :
قام مالك في الناس وهو على الصائفة فقال : إنا قد حدّثنا بجمع العدو ، وإنّي مغذّ (٢) السير إليهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، ثم أنا بعد ذلك سائر بكم سيرا رفيقا يبرأ فيه الدّبر ، وتسمن فيه العجفاء (٣) ، ويسمن فيه الظالع (٤).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ نا أبو محمّد التميمي (٥) ، أنا أبو محمّد العدل ، أنا أبو القاسم الهمداني ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، نا عبد الأعلى بن مسهر ، عن عقبة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه قال :
__________________
(١) الدرب : بالفتح ، الطريق الذي يسلك ، مواضع ومنها ، قال ياقوت : وإذا أطلقت لفظ الدرب أردت به ما بين طرسوس وبلاد الروم لأنه مضيق كالدرب ، (راجع معجم البلدان).
(٢) بدون إعجام بالأصل.
(٣) العجف : ذهاب السمن ، وهو أعجف ، وهي عجفاء ، ج عجاف (القاموس).
(٤) ظلع البعير وكذا الإنسان ظلعا : غمز في مشيه وعرج وفي الأساس : أدبر مطيته وأظلعها : أعرجها (راجع تاج العروس : ظلع).
(٥) بالأصل : ابن التميمي.