فأتى به الطائف ، ثم خرج ـ وقال ابن السمرقندي : فخرج ـ ليلا ، فجلس على فرسه وركضه ، حتى أتى راحلته حيث أمر بها ، فجلس عليها ، ثم لحق برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأدركه بالجعرانة (١) أو بمكة ، فردّ عليه أهله وماله ، وأعطاه مائة من الإبل ، فقال مالك بن عوف حين أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله |
|
في الناس كلهم بمثل محمّد |
أوفى وأعطى الجزيل إذا احتدى |
|
وإذا تشأ يخبرك عما في غد |
وإذا الكتيبة عرّدت أبناؤها (٢) |
|
أمّ العدى فيها بكل مهند |
فكأنه ليث لدى أشباله |
|
وسط الهباءة خادر في مرصد |
فاستعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم على من أسلم من قومه ، وتلك القبائل من ثمالة وسلمة (٣) وفهم (٤) ، كان يقاتل ثقيفا ، فلا يخرج لهم سرح إلّا أغار عليه حتى يصيبه ـ زاد ابن السّمرقندي بإسناده : فقال : أبو محجن الثقفي (٥) :
هابت الأعداء جانبنا |
|
ثم تغزونا بنو سلمة |
وأتانا مالك بهم |
|
ناقض للعهد والحرمة |
وأتونا في منازلنا |
|
ولقد كنا أولي نقمة |
ثم اتفقا فقالا : ـ قال ابن إسحاق : وقال مالك بن عوف يذكر مسيرهم بعد إسلامه (٦) :
اذكر مسيرهم للناس إذا جمعوا |
|
ومالك فوقه الرايات تختفق |
ومالك مالك ما فوقه أحد |
|
يومي (٧) حنين عليه التاج يأتلق |
حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم |
|
عليهم البيض والأبدان والدرق (٨) |
__________________
(١) الجعرانة : ماء بين الطائف ومكة ، وهي إلى مكة أقرب (معجم البلدان).
(٢) في دلائل النبوة للبيهقي : «أنيابها» وبهامشها عن إحدى النسخ : أبناؤها.
(٣) سلمة قيدها السهيلي بكسر اللام ، وسلمة في قبائل قيس بالفتح ، وسلمة في قبائل الأزد بالكسر ، والمراد هنا من الأزد. فثمالة حي من الأزد ، وفهم أيضا من دوس ، وهم من الأزد.
(٤) كذا بالأصل وسيرة ابن هشام والمختصر ، وفي دلائل النبوة : وفيهم.
(٥) هو مالك بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي ، والأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١٣٤.
(٦) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١١٨ ونسبها لقائل في هوازن.
(٧) في السيرة : يوم.
(٨) الأبدان جمع بدن ، وهي الدرع. والدرق جمع درقة : وهي الترس من جلد بلا خشب ولا عقب.