عن عبد الرّحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي عن مالك الدّار قال (١) :
دعاني عمر بن الخطّاب يوما ، فإذا عنده صرة ذهب فيها أربع مائة دينار ، فقال : اذهب بهذه إلى [أبي](٢) عبيدة بن الجرّاح ، فقل له : أرسل بهذه إليك أمير المؤمنين صلة لك ، تعود بها على عيالك.
قال : فذهبت بها ، فسلّمت ، فوجدته في مسجد بيته وهو يصلّي فيه ، فقلت له كما قال لي عمر ، فقال : افتحها ، ففتحت الصّرّة ، فوضعتها ، فقال : ادع لي فلانا وفلانا ـ ناسا من أهله ـ فطفق يرسلهم بها ، اذهب به إلى فلان وفلان ، حتى لم يبق في الصرّة شيء ، ثم رجعت إلى أمير المؤمنين ، وقد كان أمرني أن أرجع إليه بما يصنع فيها.
قال : فأخبرته أنه لم يبق عنده منها دينار ، ووجدت عنده صرة مثلها ، فقال : اذهب بها إلى معاذ بن جبل الأنصاري ، فقل له مثل ما قلت لصاحبه ، وانظر ما يصنع بها.
قال : فجئته ، فاستأذنت عليه ، فوجدته يصلّي في مسجد له في بيته ، فقلت له : هذه أمر لك بها أمير المؤمنين ، قال : وما هي؟ قلت : صلة تعود بها على عيالك وأهلك ، قال : حلّها وضعها مكانها ، ادع لي فلانا وفلانا ـ كما قال صاحبه ـ فلم يزل يرسل منها ، ويقسم حتى لم يبق في الصرة إلّا دينارين ، فقالت امرأته من وراء الستر في البيت : يا هذا ـ لزوجها ـ إنّا مساكين ، فتقسم للناس وتدعنا ، والله ما لنا شيء ، قال : فإن كان ليس لك شيء فهاك هذين الدينارين ، قال : فرجعت إلى عمر فأخبرته ما رأيت ، فقال له : والله الذي جعلهم هكذا ، وجعل بعضهم من بعض.
رواه أبو غسّان محمّد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن عبد الرّحمن بن سعيد ، عن مالك نحوه إلّا أنه قال : ثم قال للغلام : اذهب بها إلى أبي عبيدة ، وهي في ترجمة معاذ.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن عون بن مالك الدّار ، عن أبيه عن جده قال :
صاح عليّ عمر يوما وعلاني بالدرّة ، فقلت : أذكرك بالله ، قال : فطرحها ، وقال : لقد ذكّرتني عظيما.
__________________
(١) مختصرا في الإصابة ٣ / ٤٨٤.
(٢) سقطت من الأصل.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٠٩ في ترجمة عمر بن الخطاب.