البارحة على الله ، يا أخي ، هل لك في نفقة تغنيك عن هذا وتفرغك لما تريد من الآخرة؟ قال : لا ، ولكن غير ذلك ، لا تذكرني لأحد ، ولا تذكر هذا لأحد حتى أموت ، ولا تأتني يا ابن المنكدر ، فإنك إن تأتني شهرتني للناس ، فقلت : إنّي أحب [أن](١) ألقاك ، قال : القني في المسجد ، وكان فارسيا ، قال : فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل.
قال ابن وهب : فبلغني أنه انتقل من تلك الدار فلم ير ، ولم يدر أين ذهب ، فقال أهل تلك الدار : الله بيننا وبين ابن المنكدر ، أخرج عنا الرجل الصالح.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي ، وأبو (٢) القاسم زاهر بن طاهر ، قالا : أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري ، أنا أبو عوانة الحافظ ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا الحسين الجعفي ، عن ابن سوقة (٣) ، عن محمّد بن المنكدر قال :
إن الله ليصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وداره ، حتى يصل إلى الدويرات حوله ، ما يزالون في حفظ من الله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الحسن علي بن هبة الله قالا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا ابن المقرئ ، نا سفيان ، عن ابن سوقة ، عن ابن المنكدر قال :
يصلح الله بصلاح الرجل ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حولهم ، فما يزالون في ستر الله وحفظه (٤).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد المقرئ ، أنا أبو بكر المالكي ، نا محمّد بن علي بن سفيان ، نا إبراهيم بن الأشعث ، أخبرني يحيى بن سليم قال : قال ابن المنكدر :
لو أنّ رجلا صام الدهر لا يفطر ، وقام الليل لا يفتر ، وتصدّق بماله وجاهد في سبيل الله ، واجتنب محارم الله ، غير أن يؤتى به يوم القيامة على رءوس الخلائق في ذلك الجمع الأعظم بين يدي رب العالمين فيقال : إنّ هذا أعظم في عينه ما صغر الله ، وصغر في عينه ما
__________________
(١) زيادة عن الحلية.
(٢) بالأصل ود : ابن.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «سواقه» والمثبت عن د.
(٤) سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٥٥.