اثنتي عشرة محذوف لفهم المعنى تقديره اثنتي عشرة فرقة و (أَسْباطاً) بدل من (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) وأمما. قال أبو البقاء نعت لأسباطا أو بدل بعد بدل ولا يجوز أن يكون (أَسْباطاً) تمييزا لأنه جمع وتمييز هذا النوع لا يكون إلا مفردا وذهب الزمخشري إلى أن (أَسْباطاً) تمييز قال : (فإن قلت) : مميز ما بعد العشرة مفرد فما وجه مجيئه مجموعا وهلا قيل : اثنتي عشر سبطا ، (قلت) : لو قيل ذلك لم يكن تحقيقا لأنّ المراد وقطعناهم (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) قبيلة وكلّ قبيلة أسباط لا سبط فوضع (أَسْباطاً) موضع قبيلة ونظيره.
بين رماحي مالك ونهشل ، و (أُمَماً) بدل من (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) بمعنى (وَقَطَّعْناهُمُ أُمَماً) لأنّ كل أسباط كانت أمة عظيمة وجماعة كثيفة العدد وكل واحدة تؤمّ خلاف ما تؤمّه الأخرى لا تكاد تأتلف انتهى ، وما ذهب إليه من أن كل قبيلة أسباط خلاف ما ذكر الناس ذكروا أنّ الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب وقالوا : الأسباط جمع سبط وهم الفرق والأسباط من ولد إسحاق بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل ويكون على زعمه قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) (١) معناه القبيلة وقوله ونظيره :
بين رماحي مالك ونهشل
ليس نظيره لأنّ هذا من تثنية الجمع وهو لا يجوز إلا في الضرورة وكأنه يشير إلى أنه لو لم يلحظ في الجمع كونه أريد به نوع من الرماح لم يصحّ تثنيته كذلك هنا لحظ هنا الأسباط وإن كان جمعا معنى القبيلة فميز به كما يميز بالمفرد ، وقال الحوفي : يجوز أن يكون على الحذف والتقدير (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) فرقة ويكون (أَسْباطاً) نعتا لفرقة ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه و (أُمَماً) نعت لأسباط وأنث العدد وهو واقع على الأسباط وهو مذكر لأنه بمعنى الفرقة أو الأمة كما قال : ثلاثة أنفس يعني رجالا وعشر أبطن بالنظر إلى القبيلة انتهى ونظير وصف التمييز المفرد بالجمع مراعاة للمعنى. قول الشاعر :
فيها اثنتان وأربعون حلوبة |
|
سودا كحافته الغراب الأسحم |
ولم يقل سوداء. وقيل : جعل كل واحدة من (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً) كما تقول لزيد دراهم ولفلان دراهم ولعمر دراهم فهذه عشرون دراهم ، وقيل : التقدير (وَقَطَّعْناهُمُ) فرقا (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) فلا يحتاج إلى تمييز ، وقال البغوي : في الكلام تأخير وتقديم تقديره
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٦٣.