وقرأ عمر بن عبد العزيز : (حِيتانُهُمْ) يوم أسباتهم ، قال أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح وقد ذكر هذه القراءة عن عمر بن عبد العزيز : وهو مصدر من أسبت الرجل إذا دخل في السبت ، وقرأ عيسى بن عمر وعاصم بخلاف (لا يَسْبِتُونَ) بضمّ كسرة الباء في قراءة الجمهور ، وقرأ علي والحسن وعاصم بخلاف (لا يَسْبِتُونَ) بضم ياء المضارعة من أسبت دخل في السبت ، قال الزمخشري : وعن الحسن (لا يَسْبِتُونَ) بضم الياء على البناء للمفعول أي لا يدار عليهم السبت ولا يؤمرون بأن يسبتوا والعامل في (يَوْمَ) قوله (لا تَأْتِيهِمْ) وفيه دليل على أنّ ما بعد لا للنفي يعمل فيما قبلها وفيه ثلاثة مذاهب الجواز مطلقا والمنع مطلقا والتفصيل بين أن يكون لا جواب قسم فيمتنع أو غير ذلك فيجوز وهو الصحيح كذلك أي مثل ذلك البلاء بأمر الحوت نبلوهم أي بلوناهم وامتحناهم ، وقيل (كَذلِكَ) متعلق بما قبله أي (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ) أي (لا تَأْتِيهِمْ) إتيانا مثل ذلك الإتيان وهو أن تأتي شرّعا ظاهرة كثيرة بل يأتي ما أتى منها وهو قليل فعلى القول الأول في كذلك ينتفي إتيان الحوت مطلقا ، كما روي في القصص أنه كان يغيب بجملته وعلى القول الثاني كان يغيب أكثره ولا يبقى منه إلّا القليل الذي يتعب بصيده قاله قتادة : وهذا الإتيان من الحوت قد يكون بإرسال من الله كإرسال السّحاب أو بوحي إلهام كما أوحى إلى النحل أو بإشعار في ذلك اليوم على نحو ما يشعر الله الدّواب يوم الجمعة بأمر الساعة حسبما جاء وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة حتى تطلع الشمس فرقا من الساعة ويحتمل أن يكون ذلك من الحوت شعورا بالسلامة ومعنى (شُرَّعاً) مقبلة إليهم مصطفّة ، كما تقول أشرعت الرّمح نحوه أي أقبلت به إليه ، وقال الزمخشري : (شُرَّعاً) ظاهرة على وجه الماء ، وعن الحسن : تشرّع على أبوابهم كأنها الكباش السّمن يقال : شرع علينا فلان إذا دنا منه وأشرف علينا وشرعت على فلان في بيته فرأيته يفعل كذا ، وقال رواة القصص : يقرب حتى يمكن أخذه باليد فساءهم ذلك وتطرّقوا إلى المعصية بأن حفروا حفرا يخرج إليها ماء البحر على أخدود فإذا جاء الحوت يوم السبت وحصل في الحفرة ألقوا في الأخدود حجرا فمنعوه الخروج إلى البحر فإذا كان الأحد أخذوه فكان هذا أول التطريق ، وقال ابن رومان : كانوا يأخذ الرجل منهم خيطا ويضع فيه وهقة وألقاها في ذنب الحوت وفي الطرف الآخر من الخيط وتد مضروب وتركه كذلك إلى أن يأخذه في الأحد ثم تطرق الناس حين رأوا من يصنع هذا لا يبتلي حتى كثر صيد الحوت ومشى به في الأسواق وأعلن الفسقة بصيده وقالوا ذهبت حرمة السبت.