قوم) دون أولئك ، وقد ذكر النحويون أنّ اسم الإشارة المفرد قد يستعمل للمثنى والمجموع فيكون (ذلِكَ) بمعنى أولئك على هذه اللغة ويعتدل التقسيم والصالحون و (دُونَ ذلِكَ) ألفاظ محتملة فإن أريد بالصلاح الإيمان فدون ذلك يراد به الكفار وإن أريد بالصلاح العبادة والخير وتوابع الإيمان كان (دُونَ ذلِكَ) في مؤمنين لم يبلغوا رتبة الصلاح الذي لأولئك ، والظاهر الاحتمال الأول لقوله (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إذ ظاهر قوله (وَبَلَوْناهُمْ) أنهم القوم الذين هم دون أولئك وهو من ثبت على اليهودية وخرج من الإيمان ودون ذلك ظرف أصله للمكان قم يستعمل للانحطاط في المرتبة ، وقال ابن عطية : فإن أريد بالصلاح الإيمان فدون ذلك بمعنى غير يراد بها الكفرة انتهى ، فإن أراد أنّ (دُونَ) ترادف غيرا فهذا ليس بصحيح وإن أراد أنه يلزم ممن كان دون شيء أن يكون غيرا فصحيح و (دُونَ) ظرف في موضع رفع نعت لمنعوت محذوف ويجوز في التفصيل بمن حذف الموصوف وإقامة صفته مقامة نحو هذا ومنه قولهم منا ظعن ومنا أقام.
(وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ). أي بالصحة والرخاء والسعة و (السَّيِّئاتِ) مقابلاتها. (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى الطاعة ويتوبون عن المعصية (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا). أي حدث من بعد المذكورين (فَخَلَفَ) ، قال الزجاج : يقال للقرن الذي يجيء بعد القرن خلف ، وقال الفراء : الخلف القرن والخلف من استخلفه ، وقال ثعلب : الناس كلهم يقولون خلف صدق للصالح وخلف سوء للطالح. ومنه قول الشاعر :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم |
|
وبقيت في خلف كجلد الأجرب |
والمثل : سكت ألفا ونطق خلفا أي سكت طويلا ثم تكلّم بكلام فاسد ، وعن الفرّاء : الخلف يذهب به إلى الذمّ والخلف خلف صالح. وقال الشاعر :
خلفت خلفا ولم تدع خلفا |
|
كنت بهم كان لا بك التلفا |
وقد يكون في الرّدي خلف وعليه قوله :
ألا ذلك الخلف الأعور وفي الصالح خلف وعلى هذا بيت حسان :
لنا القدم الأولى عليهم وخلفنا |
|
لأوّلنا في طاعة الله تابع |