للعلة ينافي قوله (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وأنشدوا دليلا على إثبات معنى الصيرورة للام قول الشاعر :
ألا كل مولود فللموت يولد |
|
ولست أرى حيّا لحي يخلد |
وقول الآخر :
فللموت تغدو الوالدات سخالها |
|
كما لخراب الدّهر تبنى المساكن |
ودعوى القلب فيه وإنّ تقديره ولقد ذرأنا جهنم لكثير غير سديد لأنّ القلب لا يكون إلا في الشعر على الصحيح ولفظة كثير لا تشعر بالأكثر ولكن ثبت في الحديث أن بعث النار أكثر لقول الله لآدم أخرج بعث النار من ذريتك فأخرج من كل ألف تسعة وتسعين وتسعمائة وهؤلاء المخلوقون لجهنم هم الذين طبع الله على قلوبهم فلا يتأتى منهم إيمان البتة وتفسير ابن جبير : انهم أولاد الزنا ليس بجيد.
(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها). لما كانوا لا يتدبرون شيئا من الآيات ولا ينظرون إليها نظر اعتبار ولا يسمعونها سماع تفكر جعلوا كأنهم فقدوا الفقه بالقلوب والإبصار بالعيون والسماع بالآذان وليس المراد نفي هذه الإدراكات عن هذه الحواس وإنما المراد نفي الانتفاع بها فيما طلب منهم من الإيمان. وقال مسكين الدارمي :
أعمى إذا ما جارتي خرجت |
|
حتى يواري جارتي الستر |
وأصمّ عن ما كان بينهما |
|
عمدا وما بالسمع لي وقر |
وفسّر مجاهد هذا فقال : (لا يَفْقَهُونَ بِها) شيئا من أمور الآخرة و (لا يُبْصِرُونَ بِها) الهدى و (لا يَسْمَعُونَ بِها) الحق انتهى ، وفي قوله (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) دليل على أن القلب آلة للفقه والعلم كما أن العين آلة للإبصار والأذن آلة للسماع ، وقال الزمخشري : وجعلهم لإغراقهم في الكفر وشدة شكائمهم فيه وإنه لا يتأتى منهم إلا أفعال أهل النار مخلوقين للنار دلالة على توغّلهم في الموجبات وتمكنهم فيما يؤهلهم لدخول النار ، ومنه كتاب عمر إلى خالد بن الوليد : بلغني أن أهل الشام اتخذوا لك دلوكا عجن بخمر وإني لأظنكم يا آل المغيرة ذرء النار. ويقال لمن كان غريقا في بعض الأمور ما خلق فلان إلا للنار والمراد وصف أحوالهم في عظم ما أقدموا عليه في تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع علمهم