عنه ويوصف بجمع المؤنثات وإن كان المفرد مذكّرا ، وقيل : (الْحُسْنى) مصدر وصف به ، قال ابن عطية : و (الْأَسْماءُ) هاهنا : بمعنى التسميات إجماعا من المتأولين لا يمكن غيره انتهى. ولا تحرير فيما قال لأنّ التسمية مصدر والمراد هنا الألفاظ التي تطلق على الله تعالى وهي الأوصاف الدالة على تغاير الصفات لا تغاير الموصوف كما تقول جاء زيد الفقيه الشجاع الكريم وكون الاسم الذي أمر تعالى أن يدعى به حسنا هو ما قرره الشرع ونص عليه في إطلاقه على الله ومعنى (فَادْعُوهُ بِها) أي نادوه بها كقولك : يا الله يا رحمن يا مالك وما أشبه ذلك ، وقال الزمخشري : فسّموه بتلك الأسماء جعله من باب دعوت ابني عبد الله أي سميته بهذا الاسم واختلف في الاسم الذي يقتضي مدحا خالصا ولا تتعلق به شبهة ولا اشتراك إلا أنه لم يرد منصوصا هل يطلق ويسمى الله تعالى به فنصّ القاضي أبو بكر الباقلاني على الجواز ونصّ أبو الحسن الأشعري على المنع ، وبه قال الفقهاء والجمهور وهو الصواب واختلف أيضا في الأفعال التي في القرآن كقوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (١) و (يَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ) (٢) هل يطلق عليه منه تعالى اسم فاعل مقيد بمتعلقه فيقال الله مستهزىء بالكافرين وماكر بالذين يمكرون فجوّز ذلك فرقة ومنعت منه فرقة وهو الصواب وأما إطلاق اسم الفاعل بغير قيده فالإجماع على منعه ، وروي الترمذي في جامعه من حديث أبي هريرة النص على تسعة وتسعين اسما مسرودة اسما اسما ، قال ابن عطية : وفي بعضها شذوذ وذلك الحديث ليس بالمتواتر وإن كان قد قال فيه أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من طريق حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث وإنما المتواتر منه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة». ومعنى أحصاها عدّها وحفظها وتضمّن ذلك الإيمان بها والتعظيم لها والعبرة في معانيها وهذا حديث البخاري انتهى ، وتسمية هذا الحديث متواترا ليس على اصطلاح المحدثين في المتواتر وإنما هو خبر آحاد.
وفي بعض دعاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم «يا حنان يا منان» ولم يراد في جامع الترمذي وقد صنّف العلماء في شرح أسماء الله الحسنى كأبي حامد الغزالي وابن الحكم بن برجان وأبي عبد الله الرازي وأبي بكر بن العربي وغيرهم ، قال الزمخشري : ويجوز أن يراد ولله الأوصاف الحسنى وهي الوصف بالعدل والخير والإحسان وانتفاء شبه الخلق وصفوه بها (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ)
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٥.
(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٣٠.