اليدين والرّجلين. وقيل الأصابع وغيرها من الأعضاء والمختار أنها الأصابع. وقال عنترة العبسي :
وكان فتى الهيجاء يحمي ذمارها |
|
ويضرب عند الكرب كلّ بنان |
وقال أيضا :
وأن الموت طرح يدي إذا ما |
|
وصلت بنانها بالهندواني |
وضرب الكفار مشروع في كلّ موضع منهم وإنما قصد أبلغ المواضع وأثبت ما يكون المقاتل لأنه إذا عمد إلى الرأس أو الأطراف كان ثابت الجأش متبصرا فيما يضع فيه آلة قتاله من سيف ورمح وغيرهما مما يقع به اللقاء إذ ضرب الرأس فيه أشغل شاغل عن القتال وكثيرا ما يؤدّي إلى الموت وضرب البنان فيه تعطيل القتال من المضروب بخلاف سائر الأعضاء. قال الفراء : علمهم مواضع الضرب فقال : اضربوا الرؤوس والأيدي والأرجل فكأنه قال فاضربوا الأعالي إن تمكّنتم من الضرب فيها فإن لم تقدروا فاضربوهم في أوساطهم فإن لم تقدروا فاضربوهم في أسافلهم فإنّ الضرب في الأعالى يسرع بهم إلى الموت والضرب في الأوساط يسرع بهم إلى عدم الامتناع والضرب في الأسافل يمنعم من الكرّ والفرّ فيحصل من ذلك إما إهلاكهم بالكلية وإما الاستيلاء عليهم انتهى ، وفي قول الفرّاء هذا تحميل ألفاظ القرآن ما لا يحتمله ، وقال الزمخشري والمعنى فاضربوا المقاتل والشوى لأنّ الضرب إما واقع على مقتل أو غير مقتل فأمرهم بأن يجمعوا عليهم النوعين معا انتهى.
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤)
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) الإشارة إلى ما حلّ بهم من إلقاء الرعب في قلوبهم وما أصابهم من الضرب والقتل ، والكاف لخطاب الرسول أو لخطاب كل سامع أو لخطاب الكفار على سبيل الالتفات و (ذلِكَ) مبتدأ و (بِأَنَّهُمْ) هو الخبر والضمير عائد على الكفار وتقدّم الكلام في المشاقّة في قوله (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) (١) والمشاقّة هنا مفاعلة فكأنه
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٣٧.