رسول الله كقوله (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (١) ولأن طاعة الرسول وطاعة الله شيء واحد من يطع الرسول فقد أطاع الله فكان رجوع الضمير إلى أحدهما كرجوعه إليهما كقولك الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان ويجوز أن يرجع إلى الأمر بالطاعة (وَلا تَوَلَّوْا) عن هذا الأمر وامتثاله وأنتم تسمعونه أو ولا تتولوا عن رسول الله ولا تخالفوه (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) أي تصدّقون لأنكم مؤمنون لستم كالصمّ المكذبين من الكفرة انتهى ، وإنما عاد على الرسول لأنّ التولي إنما يصح في حقّ الرسول بأن يعرضوا عنه وهذا على أن يكون التولي حقيقة وإذا عاد على الأمر كان مجازا ، وقيل هو عائد على الطاعة ، وقيل هو عائد على الله ، وقال الكرماني ما معناه إنه لما لم يطلق لفظ التثنية على الله وحده لم يجمع بينه تعالى وبين غيره في ضميرها بخلاف الجمع فإنه أطلق على لفظة تعظيما فجمع بينه وبين غيره في ضميره ولهذا نظائر في القرآن منها (إِذا دَعاكُمْ) ومنها (أَنْ يُرْضُوهُ) ففي الحديث ذمّ من جمع في التثنية بينهما في الضمير وتعليمه أن يقول : ومن عصى الله ورسوله
(وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) جملة حالية أي لا يناسب سماعكم التولي ولا يجامعه وفي متعلقه أقوال : أحدها وعظ الله لكم ، الثاني : الأمر والنهي ، الثالث : التعبير بالسماع عن العقل والفهم ، الرابع : التعبير عن التصديق وهو الإيمان.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) نهي عن أن يكونوا كالذين ادّعوا السماع والمشبّه بهم اليهود أو المنافقون أو المشركون أو الذين (قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) ، أو بنو عبد الدار بن قصيّ ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويد بن حرملة أو النضر بن الحارث ومن تابعه ستة أقوال ، ولما لم يجد سماعهم ولا أثر فيهم نفى عنهم السّماع لانتفاء ثمرته إذ ثمرة سماع الوحي تصديقه والإيمان به والمعنى أنكم تصدّقون بالقرآن والنبوة فإذا صدر منكم تولّ عن الطاعة كان تصديقكم كلا تصديق فأشبه سماعكم سماع من لا يصدق ، وجاءت الجملة النافية على غير لفظ المثبتة إذ لم تأت وهم ما سمعوا لأنّ لفظ المضي لا يدلّ على استمرار الحال ولا ديمومته بخلاف نفي المضارع فكما يدل إثباته على الدّيمومه في قولهم هو يعطي ويمنع كذلك يجيء نفيه وجاء حرف النفي (لا) لأنها أوسع في نفي المضارع من ما وأدلّ على انتفاء السماع في المستقبل أي هم ممن لا يقبل أن يسمع.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٦٢.