يستغفر ويؤمن في ثاني حال ، وقال مجاهد (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي وذريتهم يستغفرون ويؤمنون فأسند إليهم إذ ذريتهم منهم والاستغفار طلب الغفران ، وقال الضحّاك ومجاهد :
معنى يستغفرون يصلّون ، وقال عكرمة ومجاهد أيضا : يسلمون وظاهر قوله وهم يستغفرون أنهم ملتبسون بالاستغفار أي (هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) فلا يعذّبون كما أن الرسول فيهم فلا يعذبون فكلا الحالين موجود كون الرسول فيهم واستغفارهم ، وقال الزمخشري (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) في موضع الحال ومعناه نفي الاستغفار عنهم أي ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما عذبهم كقوله تعالى (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (١) ولكنهم لا يستغفرون ولا يؤمنون ولا يتوقع ذلك منهم انتهى ، وما قال تقدّمه إليه غيره ، فقال : المعنى وهم بحال توبة واستغفار من كفرهم أن لو وقع ذلك منهم ، واختاره الطبري وهو مرويّ عن قتادة وابن زيد.
(وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). الظاهر أن (ما) استفهامية أي أيّ شيء لهم في انتفاء العذاب وهو استفهام معناه التقرير أي كيف لا يعذبون وهم متّصفون بهذه الحالة المقتضية للعذاب وهي صدّهم المؤمنين عن المسجد الحرام وليسوا بولاة البيت ولا متأهلين لولايته ومن صدّهم ما فعلوا بالرسول صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية وإخراجه مع المؤمنين داخل في الصدّ كانوا يقولون نحن ولاة البيت نصدّ من نشاء وندخل من نشاء وأن مصدرية ، وقال الأخفش : هي زائدة ، قال النّحّاس : لو كان كما قال لرفع تعذيبهم انتهى ، فكان يكون الفعل في موضع الحال كقوله : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) (٢) وموضع إن نصب أو جر على الخلاف إذ حذف منه وهي تتعلق بما تعلّق به (لَهُمْ) أي أيّ شيء كائن أو مستقرّ لهم في أن لا يعذبهم الله والمعنى لا حظ لهم في انتفاء العذاب وإذا انتفى ذلك فهم معذبون ولا بدّ وتقدير الطبري وما يمنعهم من أن يعذبوا هو تفسير معنى لا تفسير إعراب وكذلك ينبغي أن يتأوّل كلام ابن عطية أنّ التقدير وما قدرتهم ونحوه من الأفعال موجب أن يكون في موضع نصب والظاهر عود الضمير في (أَوْلِياءَهُ) على (الْمَسْجِدِ) لقربه وصحّة المعنى ، وقيل (ما) للنفي فيكون إخبارا أي وليس لهم أن لا يعذبهم الله أي ليس ينتفي العذاب عنم مع تلبّسهم بهذه الحال ، وقيل الضمير في (أَوْلِياءَهُ) عائد على الله تعالى ، وروي عن الحسن والظاهر أن قوله (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) استئناف إخبار أي وما استحقوا أن يكونوا ولاة أمره
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٧.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٨٤.