مسدّ مفعولي (يَحْسَبَنَ) ويؤيّده قراءة عبد الله أنهم سبقوا ، وقيل التقدير ولا تحسبنهم (الَّذِينَ كَفَرُوا) فحذف الضمير لكونه مفهوما وقد ردّدنا هذا القول في أواخر آل عمران ، وعلى أنّ الفاعل هو الذين كفروا خرّج الزمخشري قراءة الياء وذكر نقل توجيهها على حذف المفعول إما الضمير وإما أنفسهم وإما حذف أن وإما أنّ الفعل وقع على أنهم لا يعجزون على أن لا صلة وسبقوا في موضع الحال يعني سابقين أو مفلتين هاربين وعلى (وَلا يَحْسَبَنَ) قتيل المؤمنين الذين كفروا سبقوا ثم قال وهذه الأقاويل كلّها متمحلة وليست هذه القراءة التي تفرد بها حمزة بنيرة انتهى ، ولم يتفرّد بها حمزة كما ذكر بل قرأ بها ابن عامر وهو من العرب الذين سبقوا اللّحن وقرأ علي وعثمان وحفص عن عاصم وأبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عبد الرحمن وابن محيصن وعيسى والأعمش ، وتقدم ذكر توجيهها على غير ما نقل مما هو جيّد في العربية فلا التفات لقوله وليست بنيرة وتقدّم ذكر في فتح السين وكسرها في قوله (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ) (١) وأما قوله : وقيل وقع على أنهم لا يعجزون على أن لا صلة فهذا لا يتأتي على قراءة حمزة لأنه يقرأ بكسر الهمزة ولو كان واقعا عليه لفتح أن وإنما فتحها من السبعة ابن عامر وحده واستبعد أبو عبيد وأبو حاتم قراءة ابن عامر ولا استبعاد فيها لأنها تعليل للنهي أي لا تحسبنّهم فائتين لأنهم لا يعجزون أي لا يقع منك حسبان لفوتهم لأنهم لا يعجزون أي لا يفوتون ، وقرأ الأعمش ولا يحسب بفتح السين والياء من تحت وحذف النون وينبغي أن يخرج على حذف النون الخفيفة لملاقاة الساكن فيكون كقوله :
لا تهين الفقير علّك أن |
|
تركع يوما والدهر قد رفعه |
وقرأ ابن محيصن لا تعجزوني بكسر النون وياء بعدها ، وقال الزجاج : الاختيار فتح النون ويجوز كسرها على أن المعنى أنهم لا يعجزونني وتحذف النون الأولى لاجتماع النونين كما قال الشاعر :
تراه كالثّغام يعمل مسكا |
|
يسوء الغالبات إذا فليني |
البيت لعمرو بن معدي كرب ، وقال أبو الحسن الأخفش في قول متمم بن نويرة :
ولقد علمت ولا محالة أنّني |
|
للحادثات فهل تريني أجزع |
فهذا يجوز على الاضطرار فقال قوم : حذف النون الأولى وحذفها لا يجوز لأنها في
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٣.