قال ابن عطية : و (رِباطِ الْخَيْلِ) جمع ربط ككلب وكلاب ولا يكثر ربطها إلّا وهي كثيرة ويجوز أن يكون الرّباط مصدرا من ربط كصاح صياحا لأنّ مصادر الثلاثي غير المزيد لا تنقاس وإن جعلناه مصدرا من رابط وكان ارتباط الخيل واتخاذها يفعله كل واحد لفعل آخر فيرابط المؤمنون بعضهم بعضا فإذا ربط كل واحد منهم فرسا لأجل صاحبه فقد حصل بينهم رباط وذلك الذي حضّ في الآية عليه وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «من ارتبط فرسا في سبيل الله فهو كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة انتهى ، فجوّز في رباط أن يكون جمعا لربط وأن يكون مصدرا لربط والرابط وقوله : لأنّ مصادر الثلاثي غير المزيد لا تنقاس ليس بصحيح بل لها مصادر منقاسة ذكرها النحويون ، وقال الزمخشري والرّباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله ويجوز أن تسمى بالرّباط الذي هو بمعنى المرابطة ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال ، وقرأ الحسن وأبو حيوة وعمرو بن دينار ومن ربط بضمّ الراء والباء وعن أبي حيوة والحسن أيضا ربط بضمّ الراء وسكون الباء وذلك نحو كتاب وكتب وكتب ، قال ابن عطية : وفي جمعه وهو مصدر غير مختلف نظر انتهى ، ولا يتعيّن كونه مصدرا ألا ترى إلى قول أبي زيد إنه من الخيل الخمس فما فوقها وإنّ جماعها ربط وهي التي ترتبط والظاهر عموم الخيل ذكورها وإناثها.
وقال عكرمة : (رِباطِ الْخَيْلِ) إناثها وفسّر القوة بذكورها واستحبّ رباطها بعض العلماء لما فيها من النّتاج كما قال : بطونها كنز ، وقيل : (رِباطِ الْخَيْلِ) الذكور منها لما فيها من القوة والجلد على القتال والكفاح والكرّ والفرّ والعدو والضمير في (بِهِ) عائد على ما من قوله (مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقيل : على الإعداد ، وقيل : على القوّة ، وقيل : على (رِباطِ) و (تُرْهِبُونَ) ، قالوا : حال من ضمير (وَأَعِدُّوا) أو من ضمير (لَهُمْ) ويحصل بهذا الارتباط والإرهاب فوائد منها : إنهم لا يقصدون دخول دار الإسلام وباشتداد الخوف قد يلتزمون الجزية أو يسلمون أو لا يعينون سائر الكفار ، وقرأ الحسن ويعقوب وابن عقيل لأبي عمرو و (تُرْهِبُونَ) مشدّدا عدى بالتضعيف كما عدى بالهمزة ، قال أبو حاتم وزعم عمرو أن الحسن قرأ يرهبون بالياء من تحت وخفّفها انتهى ، والضمير في يرهبون عائد على ما عاد عليه (لَهُمْ) وهم الكفار والمعنى أنّ الكفار إذا علموا بما أعددتم للحرب من القوة ورباط الخيل خوفوا من يليهم من الكفار وأرهبوهم إذ يعلمونهم ما أنتم عليه من الإعداد للحرب فيخافون منكم وإذا كانوا قد أخافوا من يليهم منكم فهو أشد خوفا لكم.
وقرأ ابن عباس وعكرمة ومجاهد : تخزون به مكان ترهبون به وذكرها الطبري على