سيبويه : أن لا موضع لما دخلت عليه إنّ ، إذ هو معرب قد ظهر فيه عمل العامل ، وأنه لا فرق بين إنّ وبين ليت ، والإجماع أنّ لا موضع لما دخلت عليه هذه انتهى. وهذا كلام فيه تعقب ، لأنّ علة كون إنّ لا موضع لما دخلت عليه ، ليس ظهور عمل العامل ، بدليل ليس زيد بقائم ، وما في الدار من رجل ، فإنه ظهر عمل العامل ، ولهما موضع. وقوله : والإجماع إلى آخره يريد : أنّ ليت لا موضع لها من الإعراب بالإجماع ، وليس كذلك ، لأنّ الفراء خالف وجعل حكم ليت ولعل وكان ولكن ، وأنّ حكم إنّ في كون اسمهن له موضع. وإعراب وأذان كإعراب براءة على الوجهين ، ثم الجملة معطوفة على مثلها ولا وجه لقول من قال : إنه معطوف على براءة ، كما لا يقال عمرو معطوف على زيد في زيد قام وعمرو قاعد.
والأذان بمعنى الإيذان وهو الإعلام كما أنّ الأمان والعطاء يستعملان بمعنى الإيمان والإعطاء ، ويضعف جعله خيرا عن. وأذان إذا أعربناه مبتدأ ، بل الخبر قوله : إلى الناس. وجاز الابتداء بالنكرة لأنها وصفت بقوله : من الله ورسوله. ويوم منصوب بما يتعلق به إلى الناس ، وقد أجاز بعضهم نصبه بقوله : وأذان ، وهو بعيد من جهة أنّ المصدر إذا وصف قبل أخذه معموله لا يجوز إعماله فيما بعد الصفة ، ومن جهة أنه لا يجوز أن يخبر عنه إلا بعد أخذه معموله ، وقد أخبر عنه بقوله : إلى الناس.
لما كان سنة تسع أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يحج ، فكره أن يرى المشركين يطوفون عراة ، فبعث أبا بكر أميرا على الموسم ، ثم أتبعه عليا ليقرأ هذه الآيات على أهل الموسم راكبا ناقته العضباء ، فقيل له : لو بعثت بها إلى أبي بكر فقال : «لا يؤدي عني إلا رجل مني» فلما اجتمعا قال : أبو بكر أمير أو مأمور ، قال : مأمور. فلما كان يوم التروية خطب أبو بكر وقام عليّ يوم النحر بعد جمرة العقبة فقال : «يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم» ، فقالوا : بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثين آية أو أربعين. وعن مجاهد : ثلاث عشرة ثم قال : «أمرت بأربع أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، وأن لا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة ، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده» فقالوا عند ذلك : يا علي أبلغ ابن عمك أنّا قد نبذنا العهد وراء ظهورنا ، وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف. وقيل : عادة العرب في نقض عهودها أن يتولى رجل من القبيلة ، فلو تولاه أبو بكر لقالوا هذا خلاف ما يعرف منا في نقض العهود ، فلذلك جعل عليا يتولاه ، وكان أبو هريرة مع علي ، فإذا صحل صوت عليّ نادى أبو هريرة. والظاهر أنّ يوم الحج الأكبر هو يوم