اليوم من قلة. والقائل قال ابن المسيب : هو أبو بكر ، أو سلمة بن سلامة بن قريش ، أو ابن عباس ، أو رجل من بني بكر. ونقل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ساءه كلام هذا القائل ، ووكلوا إلى كلام الرجل.
والكثرة بفتح الكاف ، ويجمع على كثرات. وتميم تكسر الكاف ، وتجمع على كثر كشذرة وشذر ، وكسرة وكسر ، وهذه الكثرة عن ابن عباس ستة عشر ألفا ، وعن النحاس أربعة عشر ألفا ، وعن قتادة وابن زيد وابن إسحاق والواقدي : اثنا عشر ألفا ، وعن مقاتل عن ابن عباس : أحد عشر ألفا وخمسمائة. والباء في بما رحبت للحال ، وما مصدرية أي : ضاقت بكم الأرض مع كونها رحبا واسعة لشدة الحال عليهم وصعوبتها كأنهم لا يجدون مكانا يستصلحونه للهرب والنجاة لفرط ما لحقهم من الرعب ، فكانها ضاقت عليهم. والرحب : السعة ، وبفتح الراء الواسع. يقال : فلان رحب الصدر ، وبلد رحب ، وأرض رحبة ، وقد رحبت رحبا ورحابة. وقرأ زيد بن علي : بما رحبت في الموضعين بسكون الحاء وهي لغة تميم ، يسكنون ضمة فعل فيقولون في ظرف ظرف. ثم وليتم مدبرين أي : وليتم فارين على أدباركم منهزمين تاركين رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأسند التولي إلى جميعهم وهو واقع من أكثرهم ، إذ ثبت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ناس من الأبطال على ما يأتي ذكره إن شاء الله ، فيقول لما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة كان في عشرة آلاف من أصحابه ، وانضاف إليه الفان من الطلقاء فصاروا اثني عشر ألفا إلى ما انضاف إليهم من الأعراب من سليم ، وبني كلاب ، وعبس ، وذبيان ، وسمع بذلك كفار العرب فشق عليهم ، فجمعت له هوزان وألفافها وعليهم مالك بن عوف النضري ، وثقيف وعليهم عبد ياليل بن عمرو ، وانضاف إليهم أخلاط من الناس حتى كانوا ثلاثين ألفا ، فخرج إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد استعماله عتاب بن أسيد على مكة ، حتى اجتمعوا بحنين ، فلما تصاف الناس حمل المشركون من مجاني الوادي وكان قد كمنوا بها ، فانهزم المسلمون. قال قتادة : ويقال إنّ الطلقاء من أهل مكة فروا وقصدوا إلقاء الهزيمة في المسلمين ، وبلغ فلهم مكة ، وثبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مركزه على بغلة شهباء تسمى دلدل لا يتخلخل ، والعباس قد اكتنفه آخذا بلجامها ، وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وابنه جعفر ، وعلي بن أبي طالب ، وربيعة بن الحرث ، والفضل بن العباس ، وأسامة بن زيد ، وأيمن بن عبيد وهو أيمن ابن أم أيمن ، وقتل بين يدي الرسول صلىاللهعليهوسلم هؤلاء من أهل بيته ، وثبت معه أبو بكر وعمر فكانوا عشرة رجال ، ولهذا قال العباس :