المتلقب بالمهدي ، وآخرهم سليمان المتلقب بالعاضد. والأحبار علماء اليهود ، والرهبان عباد النصارى الذين زهدوا في الدنيا وانقطعوا عن الخلق في الصوامع. أخبر عن المجموع ، وعاد كل ما يناسبه. أي : اتخذ اليهود أحبارهم ، والنصارى رهبانهم. والمسيح ابن مريم عطف على رهبانهم.
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الظاهر أن الضمير عائد على من عاد عليه في اتخذوا ، أي : أمروا في التوراة والإنجيل على ألسنة أنبيائهم. وقيل : في القرآن على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقيل : في الكتب الثلاثة. وقيل : في الكتب المنزلة ، وعلى لسان جميع الأنبياء. وقال الزمخشري : أمرتهم بذلك أدلة العقل والنصوص في الإنجيل والمسيح عليهالسلام ، أنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة. وقيل : الضمير عائد على الأحبار والرهبان المتخذين أربابا أي : وما أمر هؤلاء إلا ليعبدوا الله ويوحدوه ، فكيف يصح أن يكونوا أربابا وهم مأمورون مستعبدون؟ وفي قوله : عما يشركون ، دلالة على إطلاق اسم الشرك على اليهود والنصارى.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) مثلهم ومثل حالهم في طلبهم أن يبطلوا نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم بالتكذيب بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبث في الآفاق ، ونور الله هداه الصادر عن القرآن والشرع المنبث ، فمن حيث سماه نورا سمى محاولة إفساده إطفاء. وقالت فرقة : النور القرآن وكنى بالأفواه عن قلة حيلتهم وضعفها. أخبر أنهم يحاولون أمرا جسيما بسعى ضعيف ، فكان الإطفاء بنفخ الأفواه. ويحتمل أن يراد بأقوال لا برهان عليها ، فهي لا تتجاوز الأفواه إلى فهم سامع ، وناسب ذكر الإطفاء الأفواه. وقيل : إن الله لم يذكر قولا مقرونا بالأفواه والألسن إلا وهو زور ، ومجيء إلا بعد ويأبى يدل على مستثنى منه محذوف ، لأنه فعل موجب ، والموجب لا تدخل معه إلا ، لا تقول كرهت إلا زيدا. وتقدير المستثنى منه : ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم قاله الزجاج. وقال علي بن سليمان : جاز هذا في أبي ، لأنه منع وامتناع ، فضارعت النفي. وقال الكرماني : معنى أبى هنا لا يرضى إلا أن يتم نوره بدوام دينه إلى أن تقوم الساعة. وقال الفراء : دخلت إلا لأنّ في الكلام طرفا من الجحد. وقال الزمخشري : أجرى أبى مجرى لم يرد. ألا ترى كيف قوبل يريدون أن يطفئوا بقوله : ويأبى الله ، وكيف أوقع موقع ولا يريد الله إلا أن يتم نوره؟