أي بدلا من ماء زمزم ، والطهيان عود ينصب في ناحية الدار للهواء تعلق فيه أوعية الماء حتى تبرد. وأصحابنا لا يثبتون أن تكون من للبدل. ويتعلق في الآخرة بمحذوف التقدير : فما متاع الحياة الدنيا محسوبا في نعيم الآخرة. وقال الحوفي : في الآخرة متعلق بقليل ، وقليل خبر الابتداء. وصلح أن يعمل في الظرف مقدما ، لأنّ رائحة الفعل تعمل في الظرف. ولو قلت : ما زيد عمرا إلا يضرب ، لم يجز.
(إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : هذا سخط على المتثاقلين عظيم ، حيث أوعدهم بعذاب أليم مطلق يتناول عذاب الدارين ، وأنه يهلكهم ويستبدل قوما آخرين خيرا منهم وأطوع ، وأنه غني عنهم في نصرة دينه ، لا يقدح تثاقلهم فيها شيئا. وقيل : يعذبكم بإمساك المطر عنكم. وروي عن ابن عباس أنه قال : استنفر رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبيلة فقعدت ، فأمسك الله عنها المطر وعذبها به. والمستبدل الموعود بهم ، قال : جماعة أهل اليمن. وقال ابن جبير : أبناء فارس. وقال ابن عباس : هم التابعون ، والظاهر مستغن عن التخصيص. وقال الأصم : معناه أنه تعالى يخرج رسوله من بين أظهرهم إلى المدينة. قال القاضي : وهذا ضعيف ، لأنّ اللفظ لا دلالة فيه على أنه ينتقل من المدينة إلى غيرها ، ولا يمتنع أن يظهر في المدينة أقواما يعينونه على الغزو ، ولا يمتنع أن يعينه بأقوام من الملائكة أيضا حال كونه هناك. والضمير في : ولا تضروه شيئا ، عائد على الله تعالى أي : ولا تضروا دينه شيئا. وقيل : على الرسول ، لأنه تعالى قد عصمه ووعده بالنصر ، ووعده كائن لا محالة. ولما رتب على انتفاء نفرهم التعذيب والاستبدال وانتفاء الضرر ، أخبر تعالى أنه على كل شيء تتعلق إرادته به قدير من التعذيب والتغيير وغير ذلك.
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) : ألا تنصروه فيه انتفاء النصر بأيّ طريق كان من نفر أو غيره. وجواب الشرط محذوف تفسيره : فسينصره ، ويدل عليه فقد نصره الله أي : ينصره في المستقبل كما نصره في الماضي. وقال الزمخشري : (فإن قلت) : كيف يكون قوله تعالى : فقد نصره الله جوابا للشرط؟ (قلت) : فيه وجهان : أحدهما : فسينصره ، وذكر معنى ما قدمناه. والثاني : أنه تعالى أوجب له النصرة وجعله منصورا في ذلك الوقت فلم يخذل من بعده انتهى. وهذا لا يظهر منه جواب الشرط ، لأنّ إيجاب النصرة له أمر سبق ، والماضي