الماشي. وقرأ مجاهد ومحمد بن زيد : ولأوفضوا أي أسرعوا كقوله : (إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (١) وقرأ ابن الزبير : ولأوفضوا بالراء من رفض أسرع في مشيه رفضا ورفضانا قال حسان :
بزجاجة رفضت بما في جوفها |
|
رفض القلوص براكب مستعجل |
وقال غيره :
والرافضات إلى منى فالقبقب
والخلاف جمع الخلل ، وهو الفرجة بين الشيئين. وقال الأصمعي : تخللت القوم دخلت بين خللهم وخلالهم ، وجلسنا خلال البيوت وخلال الدور أي : بينها ، ويبغون حال أي : باغين. قال الفراء : يبغونها لكم. والفتنة هنا الكفر قاله : مقاتل ، وابن قتيبة ، والضحاك. أو العيب والشر قاله : الكلبي. أو تفريق الجماعة أو المحنة باختلاف الكلمة أو النميمة. وقال الزمخشري : يحاولون أن يفتنوكم بأن يوقعوا الخلاف فيما بينكم ، ويفسدوا نياتكم في مغزاكم. وفيكم سماعون لهم أي : نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم ، أو فيكم قوم يستمعون للمنافقين ويطيعونهم انتهى. فاللام في القول الأول للتعليل ، وفي الثاني لتقوية التعدية كقوله : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٢) والقول الأول قاله : سفيان بن عيينة ، والحسن ، ومجاهد ، وابن زيد ، قالوا : معناه جواسيس يستمعون الأخبار وينقلونها إليهم ، ورجحه الطبري. والقول الثاني قول الجمهور قالوا : معناه وفيكم مطيعون سماعون لهم. ومعنى وفيكم في خلالكم منهم ، أو منكم ممن قرب عهده بالإسلام. والله عليم بالظالمين يعم كل ظالم. ومعنى ذلك : أنه يجازيه على ظلمه. واندرج فيه من يقبل كلام المنافقين ، ومن يؤدي إليهم أخبار المؤمنين ، ومن تخلف عن هذه الغزاة من المنافقين.
(لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ) تقدّم ذكر السبب في نزول هذه الآية والتي قبلها من قصة رجوع عبد الله بن أبي وأصحابه في هذه الغزاة ، حقّر شأنهم في هذه الآية ، وأخبر أنهم قديما سعوا على الإسلام فأبطل الله سعيهم ، وفي الأمور المقلبة أقوال. قال ابن عباس : بغوا لك الغوائل. وقال ابن جريج : وقف اثنا عشر من المنافقين على الثنية ليلة العقبة كي يفتكوا به. وقال أبو سليمان الدمشقي : احتالوا في تشتيت أمرك وإبطال دينك. قال ابن جريج : كانصراف ابن أبيّ يوم
__________________
(١) سورة المعارج : ٧٠ / ٤٣.
(٢) سورة هود : ١١ / ١٠٧.