ثعلبة بن حاطب كان يقول : إنما يعطي محمد قريشا. وقيل : رجل من الأنصار أتى الرسول بصدقة يقسمها ، فقال : ما هذا بالعدل؟ وهذه نزغة منافق.
والمعنى : من يعيبك في قسم الصدقات. وضمير ومنهم للمنافقين ، والكاف للرسول. وهذا الترديدين الشرطين يدل على دناءة طباعهم ونجاسة أخلاقهم ، وإن لمزهم الرسول إنما هو لشرههم في تحصيل الدنيا ومحبة المال ، وأنّ رضاهم وسخطهم إنما متعلقه العطاء. والظاهر حصول مطلق الإعطاء أو نفيه. وقيل : التقدير فإن أعطوا منها كثيرا يرضوا ، وإن لم يعطوا منها كثيرا بل قليلا ، وما أحسن مجيء جواب هذين الشرطين! لأنّ الأول لا يلزم أن يقارنه ولا أن يعتقبه ، بل قد يجوز أن يتأخر نحو : إن أسلمت دخلت الجنة ، فإنما يقتضي مطلق الترتب. وأما جواب الشرط الثاني فجاء بإذا الفجائية ، وأنه إذا لم يعطوا فاجأ سخطهم ، ولم يمكن تأخره لما جبلوا عليه من محبة الدنيا والشره في تحصيلها. ومفعول رضوا محذوف أي : رضوا ما أعطوه. وليس المعنى رضوا عن الرسول لأنهم منافقون ، ولأنّ رضاهم وسخطهم لم يكن لأجل الدين ، بل للدنيا. وقرأ الجمهور : يلمزك بكسر الميم. وقرأ يعقوب وحماد بن سلمة عن ابن كثير والحسن وأبو رجاء وغيرهم : بضمها ، وهي قراءة المكيين ، ورويت عن أبي عمرو. وقرأ الأعمش : يلمزك. وروى أيضا حماد بن سلمة عن ابن كثير : يلامزك ، وهي مفاعلة من واحد. وقيل : وفرق الرسول صلىاللهعليهوسلم قسم أهل مكة في الغنائم استعطافا لقلوبهم ، فضج المنافقون.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) : هذا وصف لحال المستقيمين في دينهم ، أي رضوا قسمة الله ورسوله وقالوا : كفانا فضل الله ، وعلقوا آمالهم بما سيؤتيه الله إياهم ، وكانت رغبتهم إلى الله لا إلى غيره. وجواب لو محذوف تقديره : لكان خيرا لهم في دينهم ودنياهم. وكان ذلك الفعل دليلا على انتقالهم من النفاق إلى محض الإيمان ، لأنّ ذلك تضمن الرضا بقسم الله ، والإقرار بالله وبالرسول إذ كانوا يقولون : سيؤتينا الله من فضله ورسوله. وقيل : جواب لو هو قوله : وقالوا على زيادة الواو ، وهو قول كوفي. قال الزمخشري : والمعنى : ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قل نصيبهم ، وقالوا : كفانا فضل الله تعالى وصنعه ، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا غنيمة أخرى ، فسيؤتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكثر مما آتانا اليوم ، إنا إلى الله في أن يغنمنا ويخولنا فضله راغبون انتهى. وقال ابن عباس : راغبون فيما يمنحنا من الثواب ويصرف عنا من العقاب. وقال التبريزي : راغبون في أن