(يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) : الظاهر أنّ الضمير في يحلفون عائد على الذين يقولون : هو أذن أنكره وحلفوا أنهم ما قالوه. وقيل : عائد على الذين قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا ، فنحن شر من الحمير ، وتقدم ذكر ذلك. وقيل : عائد على الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، فلما رجع الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون اعتذروا وحلفوا واعتلوا ، قاله : ابن السائب ، واختاره البيهقي. وكانوا ثلاثة وثمانين حلف منهم ثمانون ، فقبل الرسول أعذارهم واعترف منهم بالحق ثلاثة ، فأطلع الله رسوله على كذبهم ونفاقهم ، وهلكوا جميعا بآفات ، ونجا الذين صدقوا. وقيل : عائد على عبد الله بن أبي ومن معه حلفوا أن لا يتخلفوا عن رسول الله وليكونوا معه على عدوه. وقال ابن عطية المراد جميع المنافقين الذين يحلفون للرسول والمؤمنين أنهم معهم في الدين وفي كل أمر وحرب ، وهم يبطنون النفاق ، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر ، وهذا قول جماعة من أهل التأويل. واللام في ليرضوكم لام كي ، وأخطأ من ذهب إلى أنها جواب القسم ، وأفرد الضمير في أن يرضوه لأنهما في حكم مرضي واحد ، إذ رضا الله هو رضا الرسول ، أو يكون في الكلام حذف. قال ابن عطية : مذهب سيبويه أنهما جملتان ، حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها ، والتقدير عنده : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله أحق أن يرضوه. وهذا كقول الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف |
ومذهب المبرد : أنّ في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره : والله أحق أن يرضوه ورسوله. وقيل : الضمير عائد على المذكور كما قال رؤبة :
فيها خطوط من سواد وبلق |
|
كأنه في الجلد توليع البهق |
انتهى. فقوله : مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها أن كان الضمير في أنهما عائدا على كل واحدة من الجملتين ، فكيف تقول حذفت الأولى ولم تحذف الأولى؟ إنما حذف خبرها ، وإن كان الضمير عائدا على الخبر وهو أحق أن يرضوه ، فلا يكون جملة إلا باعتقاد كون أن يرضوه مبتدأ وأحق المتقدم خبره ، لكن لا يتعين هذا القول : إذ يجوز أن يكون الخبر مفردا بأن يكون التقدير : أحق بأن يرضوه. وعلى التقدير الأول يكون التقدير : والله إرضاؤه أحق. وقدره الزمخشري : والله أحق أن يرضوه