المالقي بغرناطة فسألني قراءة من تقرأ اليوم على الشيخ أبي جعفر بن الطباغ؟ فقلت : قراءة عاصم ، فأنشدني :
لعاصم قراءة |
|
لغيرها مخالفه |
إن نعف عن طائفة |
|
منكم نعذب طائفه |
وقرأ باقي السبعة : إن تعف تعذب طائفة ، مبنيا للمفعول. وقرأ الجحدري : أن يعف يعذب مبنيا للفاعل فيهما ، أي : إن يعف الله. وقرأ مجاهد : إن تعف بالتاء مبنيا للمفعول ، تعذب مبنيا للمفعول بالتاء أيضا. قال ابن عطية : على تقدير إن تعف هذه الذنوب. وقال الزمخشري : الوجه التذكير لأنّ المسند إليه الظرف كما تقول : سير بالدابة ، ولا تقول سيرت بالدابة ، ولكنه ذهب إلى المعنى كأنه قيل : إن ترحم طائفة فأنث لذلك ، وهو غريب. والجيد قراءة العامة إن تعف عن طائفة بالتذكير ، وتعذب طائفة بالتأنيث انتهى. مجرمين : مصرين على النفاق غير تائبين.
(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) : بيّن تعالى أن ذكورهم وإناثهم ليسوا من المؤمنين كما قال تعالى : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ) (١) بل بعضهم من بعض في الحكم والمنزلة والنفاق ، فهم على دين واحد. وليس المعنى على التبعيض حقيقة لأن ذلك معلوم ووصفهم بخلاف ما عليه المؤمنون من أنهم يأمرون بالمنكر وهو الكفر وعبادة غير الله والمعاصي ، وينهون عن المعروف ، لأن الذين نزلت فيهم لم يكونوا أهل قدرة ولا أفعال ظاهرة ، وذلك بظهور الإسلام وعزته. وقبض الأيدي عبارة عن عدم الإنفاق في سبيل الله قاله الحسن. وقال قتادة : عن كل خير. وقال ابن زيد : عن الجهاد وحمل السلاح في قتال أعداء الدين. وقال سفيان : عن الرفع في الدعاء. وقيل ذلك كناية عن الشح في النفقات في المبار والواجبات ، والنسيان هنا الترك. قال قتادة : تركوا طاعة الله وطاعة رسوله فنسيهم ، أي : تركهم من الخير ، أما من الشر فلم ينسهم. وقال الزمخشري : أغفلوا ذكره فنسيهم تركهم من رحمته وفضله ، ويعبر بالنسيان عن الترك مبالغة في أنه لا يخطر ذلك ببال. هم الفاسقون أي : هم الكاملون في الفسق الذي هو التمرد في
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٥٦.