وقيل : المراد بالخيرات هنا الحور العين. وقيل : المراد بها الغنائم من الأموال والذراري. وقيل : أعدّ الله لهم جنات ، تفسير للخيرات إذ هو لفظ مبهم.
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : ولما ذكر أحوال المنافقين الذين بالمدينة شرح أحوال المنافقين من الأعراب. قرأ الجمهور : المعذرون بفتح العين وتشديد الذال ، فاحتمل وزنين : أحدهما : أن يكون فعل بتضعيف العين ومعناه : تكلف العذر ولا عذر له ، ويقال عذر في الأمر قصر فيه وتوانى ، وحقيقته أن يوهم أنّ له عذرا فيما يفعل ولا عذر له. والثاني : أن يكون وزنه افتعل ، وأصله اعتذر كاختصم ، فأدغمت التاء في الذال. ونقلت حركتها إلى العين ، فذهبت ألف الوصل. ويؤيده قراءة سعيد بن جبير : المعتذرون بالتاء من اعتذر. وممن ذهب إلى أن وزنه افتعل. الأخفش ، والفراء ، وأبو عبيد ، وأبو حاتم ، والزجاج ، وابن الأنباري. وقرأ ابن عباس ، وزيد بن علي ، والضحاك ، والأعرج ، وأبو صالح ، وعيسى بن هلال ، ويعقوب ، والكسائي ، في رواية المعذرون من أعذر. وقرأ مسلمة : المعذرون بتشديد العين والذال ، من تعذر بمعنى اعتذر. قال أبو حاتم : أراد المتعذرين ، والتاء لا تدغم في العين لبعد المخارج ، وهي غلط منه أو عليه. واختلف في هؤلاء المعذرين أهم مؤمنون أم كافرون؟ فقال ابن عباس ومجاهد وجماعة : هو مؤمنون ، وأعذارهم صادقة. وقال قتادة وفرقة : هم كافرون وأعذارهم كذب. وكان ابن عباس يقول : رحم الله المعذرين ولعن المعذرين. قيل : هم أسد وغطفان قالوا. إن لنا عيالا وأن بنا جهدا ، فأذن لهم في التخلف. وقيل : هم رهط عامر بن الطفيل قالوا : إن غزونا معك غارت أعراب طي على أهالينا ومواشينا ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «سيغني الله عنكم» وعن مجاهد : نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله تعالى. قال ابن إسحاق : نفر من غفار منهم خفاف بن إيماء ، وهذا يقتضي أنهم مؤمنون ، والظاهر أن هؤلاء الجائين كانوا مؤمنين كما قال ابن عباس ، لأن التقسيم يقتضي ذلك. ألا ترى إلى قوله : (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١) فلو كان الجميع كفارا لم يكن لوصف الذين قعدوا بالكذب اختصاص ، وكان يكون التركيب سيصيبهم عذاب أليم. ويحتمل أن يكونوا كفارا كما قال قتادة ، فانقسموا إلى جاء معتذر وإلى قاعد ، واستؤنف إخبار بما يصيب
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٩٠.