هؤلاء المعذورون الناصحون غيرهم ، وقيل : المحسنين هنا المعذورون الناصحون ، ويبعد الاستدلال بهذه الجملة على نفي القياس. وإن المحسن هو المسلم ، لانتفاء جميع السبيل ، فلا يتوجه عليه شيء من التكاليف إلا بدليل منفصل ، فيكون يخص هذا العام الدال على براءة الذمة. وقال الكرماني : المحسنين هم الذين أطاعوا الله ورسوله في أقوالهم وأفعالهم ، ثم أكد الرجاء فقال : والله غفور رحيم ، وقراءة ابن عباس : والله لأهل الإساءة غفور رحيم على سبيل التفسير ، لا على أنه قرآن لمخالفته سواد المصحف. قيل : وقوله : ما على المحسنين من سبيل ، فيه نوع من أنواع البديع يسمى : التمليح ، وهو أن يشار في فحوى الكلام إلى مثل سائر ، أو شعر نادر ، أو قصة مشهورة ، أو ما يجري مجرى المثل. ومنه قول يسار بن عدي حين بلغه قتل أخيه ، وهو يشرب الخمر :
اليوم خمر ويبدو في غد خبر |
|
والدهر من بين إنعام وإيئاس |
(وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) ، معطوف على ما قبله ، وهم مندرجون في قوله : ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون ، وذكروا على سبيل نفي الحرج عنهم ، وأنهم بالغوا في تحصيل ما يخرجون به إلى الجهاد حتى أفضى بهم الحال إلى المسألة ، والحاجة لبذل ماء وجوههم في طلب ما يحملهم إلى الجهاد ، والاستعانة به حتى يجاهدوا مع الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولا يفوتهم أجر الجهاد. ويحتمل أن لا يندرجوا في قوله : ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون ، بأن يكون هؤلاء هم الذين وجدوا ما ينفقون ، إلا أنهم لم يجدوا المركوب ، وتكون النفقة عبارة عن الزاد لا عبارة عما يحتاج إليه المجاهد من زاد ومركوب وسلاح وغير ذلك مما يحتاج إليه. وهذه نزلت في العرباض بن سارية. وقيل : في عبد الله بن مغفل. وقيل : في عائذ بن عمرو. وقيل : في أبي موسى الأشعري ورهطه. وقيل : في تسعة نفر من بطون شتى فهم البكاءون وهم : سالم بن عمير من بني عمرو من بني عوف ، وحرمي بن عمرو من بني واقف ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار ، وسلمان بن صخر من بني المعلى وأبو رعيلة عبد الرحمن بن زيد بن بني حارثة ، وعمرو بن غنمة من بني سلمة ، وعائذ بن عمرو المزني. وقيل : عبد الله بن عمرو المزني. وقال مجاهد : البكاءون هم بنو بكر من مزينة. وقال الجمهور : نزلت في بني مقرن ، وكانوا ستة إخوة صحبوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، وليس في الصحابة ستة إخوة غيرهم. ومعنى لتحملهم أي : على ظهر مركب ، ويحمل عليه أثاث المجاهد. قال معناه : ابن عباس. وقال أنس بن مالك :