والأحكام. وقال قتادة : أقل علما بالسنن. وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الجفاء والقسوة في الفدادين» والله عليم يعلم كل أحد من أهل الوبر والمدبر ، حكيم فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم من ثواب وعقاب.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) : نزلت في أعراب أسد ، وغطفان ، وتميم ، كانوا يتخذون ما يؤخذ منهم من الصدقات. وقيل : من الزكاة ، ولذلك قال بعضهم : ما هي إلا جزية أو قريبة من الجزية. وقيل : كل نفقة لا تهواها أنفسهم وهي مطلوبة شرعا ، وهو ما ينفقه الرجل وليس يلزمه ، لأنه لا ينفق إلا تقية من المسلمين ورياء ، لا لوجه الله تعالى وابتغاء المثوبة عنده. فعل هذا المغرم إلزام ما لا يلزم. وقيل : المغرم الغرم والخسر ، وهو قول : ابن قتيبة ، وقريب من الذي قبله. وقال ابن فارس : المغرم ما لزم أصحابه والغرام اللازم ، ومنه الغريم للزومه وإلحاحه. والتربص : الانتظار. والدوائر : هي المصائب التي لا مخلص منها ، تحيط به كما تحيط الدائرة. وقيل : تربص الدوائر هنا موت الرسول صلىاللهعليهوسلم وظهور الشرك. وقال الشاعر :
تربص بها ريب المنون لعلها |
|
تطلق يوما أو يموت حليلها |
وتربص الدوائر ليخلصوا من إعياء النفقة ، وقوله : عليهم دائرة السوء ، دعا معترض ، دعاء عليهم بنسبة ما أخبر به عنهم كقوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) (١) والدعاء من الله هو بمعنى إنجاب الشيء ، لأنه تعالى لا يدعو على مخلوقاته وهي في قبضته. وقال الكرماني : عليهم تدور المصائب والحروب التي يتوقعونها على المسلمين ، وهنا وعد للمسلمين وإخبار. وقيل : دعاء أي : قولوا عليهم دائرة السوء أي المكروه ، وحقيقة الدائرة ما تدور به الأيام. وقيل : يدور به الفلك في سيره ، والدوائر انقلاب النعمة إلى ضدها. وفي الحجة يجوز أن تكون الدائرة مصدرا كالعاقبة ، ويجوز أن تكون صفة. وقرأ ابن كثير وأبو عمر : والسوء هنا. وفي سورة الفتح ثانية بالضم ، وباقي السبعة بالفتح ، فالفتح مصدر. قال الفراء : سوأته سوأ ومساءة وسوائية ، والضم الاسم وهو الشر والعذاب ، والفتح ذم الدائرة وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته ، وصفت الدائرة بالمصدر كما قالوا : رجل سوء في نقيض رجل صدق ، يعنون في هذا الصلاح لا صدق اللسان ، وفي
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.