أما تاريخ إنشاء أصبهان ، فقد ذكر المؤلف في مقدمة «الطبقات» (١) ، وكذا أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢) وغيرهما ، أن أول من بنى مدينة أصبهان الإسكندر الرومي (٣) ، واستتمّها كسرى أنوشروان ، وذلك بعد أن طلب الخبراء والحكماء من دولة الروم العارفين بطبيعة الأرض وخصائصها ، ليختاروا له أرضا معتدلة في هوائها ، وصالحة في تربتها ، وجيدة في عذوبة مائها ، فجالوا البلاد ونفضوا أرضها وتربتها وفحصوها ، فما وجدوا أرضا جامعة لهذه الأوصاف إلا أرض أصبهان ، فهي من المدن القديمة المهمة ، وقد أطال المؤلف في تعريفها ، وذكر خصائصها ، وسيأتي ذلك ، كما تناول تاريخ فتحها الإسلامي ومن اشترك فيه من الصحابة ، مع بيان القول : هل كان فتحها صلحا أو عنوة ، وذكر الراجح منهما في نظره.
والذي يهمني ذكره ، هو ما قيل في تاريخ فتحها في الإسلام من الأقوال ، والمعتمد منها عند أهل التاريخ ، وذكر من تولى قيادة فتح أصبهان ، هل هم أهل الكوفة كما يدعون أم أهل البصرة حسب دعواهم؟ ومن القائد للجيش من الصحابة لفتحها؟.
فإنه قيل : عبد الله بن عبد الله الأنصاري ، وقيل : أبو موسى الأشعري ، وقيل : النعمان بن مقرن ، وقيل : غير ذلك ، وسنذكر الراجح منها ، فأقول وبالله التوفيق :
لا خلاف في أن أصفهان فتحت بعد وقعة نهاوند ، ولكن اختلفت الأقوال في تحديد السنة التي فتحت فيها نهاوند (٤) ، وأرجح الأقوال :
__________________
(١) انظر ق ٦ من الاصل.
(٢) ١ / ١٥.
(٣) قد اختلفت التواريخ في أول بانيها ، وذكرت الراجح منها ، وانظر التفصيل إن شئت في المصدر السابق لأبي نعيم ، «ومحاسن أصفهان» ص ١٦ المترجم إلى الفارسية ، و «تاريخ أصفهان» ص ٣. لميرزا حسن ، و «نصف جهان في تعريف أصبهان» ص ١٣٩ وما بعدها ، و «أصفهان» ص ٥٩ وما بعدها للدكتور لطف الله هنرفر.
(٤) انظر للتفصيل واستعراض الأقوال ما ذكره البلاذري في «فتوح البلدان» ص ٣٠٠ فما بعدها ، ـ