أنها فتحت سنة إحدى وعشرين للهجرة ، وتلاها في نفس السنة على الراجح فتح أصبهان ، وذلك لأن عمر بن الخطاب رضياللهعنه استشار الهرمزان لفتح أصبهان وفارس وأذربيجان قبل أن يسير الجيش إلى نهاوند فقال لهرمزان : ما ترى؟ أبدأ بفارس أم بأذربيجان أم بأصبهان ، فقال ، إن فارس وأذربيجان الجناحان وأصبهان الرأس ، فإن قطعت أحد الجناحين قام الجناح الآخر : فإن قطعت الرأس وقع الجناحان ، فابدأ بالرأس ، فدخل عمر المسجد والنعمان بن مقرن يصلي ، فقعد إلى جنبه ، فلما قضى صلاته قال : إني أريد أن أستعملك ، قال : أما جابيا فلا ، ولكن غازيا ، قال : فأنت غاز ... الخ (١). فيبدو أن عمر ولاه أولا قيادة جيش نهاوند وبعدها قيادة جيش أصبهان أيضا ، ولكن قدر الله أن يستشهد النعمان في وقعة نهاوند ، فلما بلغ عمر الخبر بشهادته ، كتب إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري ـ وكان بطلا شجاعا من وجوه الأنصار ـ : أن سر إلى أصبهان ، فخرج من نهاوند فيمن كان معه ، ومن انصرف معه من جند النعمان نحو جند قد اجتمع له من أهل أصبهان (٢) ...
فما قيل : إن النعمان تولى قيادة جيش أصبهان وقتل بها ، ليس بصحيح ، فقد رده البلاذري وابن كثير (٣) ، بل قد ذكر معظم كتب التاريخ استشهاده في نهاوند وهو الصحيح.
__________________
ـ وخليفة في «تاريخه» / ١٤٧ ، ١٦١ ، وابن جرير في «تاريخه» ٤ / ٢٤٧ ، وابن الأثير في «الكامل» ٣ / ٢ ، وابن كثير في «البداية» ٧ / ١٢.
وأبعد الأقوال ما ذكره خليفة من أن فتح نهاوند كان في سنة ٢١ ه وأصبهان في سنة تسع وعشرين وهذا مغاير لكل من ذكر تاريخ فتح أصبهان ، ويمكن حمل كلامه على فتح أصفهان ثانية بعد أن نقض أهلها العهد ـ والله أعلم ـ وانظر «دائرة المعارف» لوجدي ٢ / ٢٥٨.
(١) انظر تمام القصة في «تاريخ الطبري» ٤ / ٢٤٨ «وتاريخ خليفة» ص ١٤٧ وصرح الطبري أنه وجهه إلى أصبهان.
(٢) كذا ذكر المؤلف في مقدمة «الطبقات» ، والطبري في المصدر السابق ، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٢٤.
(٣) انظر «فتوح البلدان» ص ٣١٠ «والبداية والنهاية» ٧ / ١١٢.