فبذلك يوجد في كتابه «الطبقات» (١) الرباعيات ، مما يدل على غاية العلو بالنسبة إليه.
هذا بالإضافة إلى تأليف خاصّ باسم «عوالي أبي الشيخ» الذي يدل على علو إسناده ، وهو دليل واضح على ما ذكرناه (٢).
أبو الشيخ والنقد (٣) :
لم يكن أبو الشيخ راويا بحتا ومحدثا يسند الحديث ويطلقه ، بل كان ناقدا بصيرا في الرجال. وعلل الحديث ، ولا يتمكن في هذا الفن إلا الأذكياء الحفاظ المهرة بطرق الحديث وأحوال الرجال ، وكان أبو الشيخ منهم ، واستطاع أن يدخل في هذا الميدان بجدارة ، ويحكم على الحديث ، ويبين العلل فيه ، وينقد الرجال. وكتابه «الطبقات» المختص بالرجال ، برزت فيه هذه الجوانب بوضوح تام ، وأذكر نموذجا لبعض أقواله في نقد الرّجال وعلل الحديث من كتابه «الطبقات».
حسب ما ذكرت أن أبا الشيخ واحد من النقاد الذين يؤخذ بقولهم ، ويوثق بهم ، فلقد انتشرت أقواله في كتب نقد الرجال (٤).
وها أنا أذكر نموذجا من أقواله من كتابه «الطبقات» (٥) في التوثيق والتضعيف أولا ، ونقد الحديث ثانيا.
__________________
(١) انظر ت ١١ ح ٢٥ ، ح ٢٦ ، ت ٣٢ ح ٤٥ وكذا ح ٤٨ ، ٤٩ حيث رواها بأربع وسائط.
(٢) انظر قائمة مؤلفاته.
(٣) احب أن أذكر طبقته في النقد حسب ما ذكره السخاوي ، وقد جعل النقاد ست طبقات ، وذكر أبا الشيخ في الطبقة السادسه ، وبدأ هذه الطبقة بعبد الرحمن بن أبي حاتم ، وختمها بالدارقطني ، وقال : وبه ختم معرفة العلل ، وأبو الشيخ هو الشخص العاشر من النقاد في هذه الطبقة. أنظر «الإعلان بالتوبيخ» ص ١٦٥ ، وكذا ذكره السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» ١ / ٣١٧.
(٤) انظر مبحث استفادة العلماء من كتابه «الطبقات».
(٥) وسيأتي التفصيل عند بيان منهج المؤلف إن شاء الله.