(والإقباض) (١) وهو تسليط الواقف للقابض (٢) عليه (٣) ، ورفع يده عنه له ، وقد يغاير الإذن في القبض الذي اعتبره سابقا (٤) بأن يأذن فيه ولا يرفع يده عنه ، (وإخراجه عن نفسه (٥) فلو وقف على نفسه بطل وإن عقّبه بما يصح الوقف عليه (٦) ، لأنه حينئذ منقطع الأول ، وكذا لو شرط لنفسه الخيار في نقضه متى
______________________________________________________
(١) قد تقدم الكلام في أن القبض شرط في صحة الوقف ، وتقدم أن عقد الوقف لا يوجب القبض ، فلذا جاز للواقف الرجوع بعدم القبض ، ومن هنا يتبين أن القبض مشروط بإذن الواقف وهو المسمى بالإقباض ، لأنه لا يجوز التصوف في مال الغير إلا بإذنه.
(٢) وهو الموقوف عليه.
(٣) على الوقف.
(٤) وفيه : إن المصنف قد اعتبر القبض بالإذن لا الإذن في القبض ، والقبض بالإذن هو عين الإقباض ، نعم الاقباض يغاير الإذن في القبض باعتبار ما قاله الشارح إذ قد يأذن في القبض ولا يرفع يده عن العين ، ثم إن الشارح أراد أن يرفع تكرار القبض في عبائر المصنف ، فإذا كان المصنف قد ذكر القبض سابقا فلم ذكره هنا ، وكانت إجابته ـ كما عرفت ـ أن المصنف قد ذكر في السابق الإذن في القبض وهنا قد ذكر القبض بالإذن وهما متغايران ، وقد عرفت عدم جدوى هذه المحاولة من الشارح ، نعم سبب التكرار أن المصنف سابقا كان يتكلم في شرائط العقد وذكر أن العقد غير لازم بنفسه ما لم ينضم إليه القبض خلافا لبعض العامة ، وهنا تكلم عن الاقباض لأنه بصدد ذكر شرائط الوقف فلا تغفل.
(٥) فلو وقف على نفسه لم يصح بلا خلاف فيه ، لاقتضاء الوقف تمليك العين للموقوف عليه ، ولا معنى لتمليك ملكه لنفسه بعد ثبوته له ، وخالف بعض العامة بدعوى أن استحقاق الشيء وقفا غير استحقاقه ملكا وهو واضح الفساد.
(٦) بحيث وقف على نفسه ثم على غيره ، فهو منقطع الأول وقد عرفت بطلانه ، ولكن هل يصح في حق غيره قولان ، فالمشهور على البطلان لأن اللازم من الصحة أحد أمور ثلاثة معلومة البطلان وهي : إما صحة الوقف مع انتفاء الموقوف عليه ، وإما وقوع الوقف المشروط ، أو عدم جريان الوقف على حسب ما أراد الواقف ، ضرورة أنه حال الوقف إن لم يكن موقوفا عليه فهو الأول ، أو الثاني ، وإن فرض أن الموقوف عليه هو البطن الثاني فهو الثالث.
وعن الشيخ في خلافه ومبسوطه يصح ، لأنه لا دليل على بطلانه كما عن الخلاف ، وقد عرفت قيام الدليل على البطلان.