(العبد) وإن تشبث بالحرية كأم الولد ، (وجبريل) وغيره من الملائكة والجن والبهائم ، ولا يكون وقفا على سيد العبد ومالك الدابة عندنا (١) ، وينبغي أن يستثنى من ذلك (٢) العبد (٣) المعدّ لخدمة الكعبة والمشهد والمسجد ونحوها من المصالح العامة ، والدابة المعدّة لنحو ذلك أيضا لأنه كالوقف على تلك المصلحة.
ولما كان اشتراط أهلية الموقوف عليه للملك يوهم عدم صحته على ما لا يصح تملكه من المصالح العامة كالمسجد والمشهد والقنطرة ، نبه على صحته وبيان وجهه بقوله (والوقف على المساجد والقناطر (٤) في الحقيقة) وقف (على المسلمين) وإن جعل متعلقه بحسب اللفظ غيرهم (٥) ، (إذ هو مصروف إلى مصالحهم (٦) ، وإنما أفاد تخصيصه بذلك (٧) تخصيصه ببعض مصالح المسلمين وذلك لا ينافي الصحة (٨) ، ولا يرد أن ذلك (٩) يستلزم جواز الوقف على البيع والكنائس ، كما يجوز الوقف على أهل الذمة (١٠). لأن الوقف على كنائسهم وشبهها وقف على مصالحهم ، للفرق. فإن
______________________________________________________
(١) قال في المسالك : (ولا ينصرف الوقف إلى مولاه على خلاف بعض العامة حيث جوّز الوقف عليه وجعله مصروفا إلى مولاه) ، وذلك لأن المولى غير مقصود من الوقف فكيف يصير إليه.
(٢) أي مما لا يصح تملكه شرعا.
(٣) أي الوقف على العبد.
(٤) وغير ذلك من المصالح الراجعة إلى كل الناس أو المسلمين.
(٥) مما لا يكون قابلا للتملك.
(٦) وكذا الوقف على أكفان الموتى ومئونة حفر قبورهم.
(٧) أي : المساجد والقناطر.
(٨) لأن المقصود من ذكر بعض المصالح هو المسلمون لا ما ذكر.
(٩) أي الوقف على المساجد والقناطر بما هي مصالح للمسلمين.
(١٠) قد عرفت اشتراط القربة في الوقف ولذا لا يجوز الوقف على الكافر الحربي ، وأما على الذمي فقد اختلفوا في ذلك فعن سلّار وابن البراج المنع لقوله تعالى : (لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ) (١) الآية ، والوقف نوع موادة فيكون منهيا عنه ولا يصح التقرب بالمنهي عنه. ـ
__________________
(١) سورة المجادلة ، آية : ٢٢.