...
______________________________________________________
ـ وإن قرئ بالكسر فالمراد منه أحد المتعاقدين المشروط له الخيار بأمر غيره ، ومعنى العبارة حينئذ أن المشروط له لو قال : فسخت بعد أمر الأجنبي بالفسخ ، أو قال : أجزت بعد أمر الأجنبي بالإجازة فهو ، ولو سكت المشروط له بعد أمر الأجنبي له سواء أمره بالفسخ أو الإجازة فيلزم العقد ، لأن السكوت ليس فيه دلالة على الفسخ لينفسخ العقد ، ولا دلالة على الامضاء ليلزم العقد ، ولا يجب على المشروط له الاختيار بمعنى أنه لا يجب عليه قبول قول الأجنبي كما تقدم سابقا.
وهذا المعنى للعبارة موافق لما ثبت من المؤامرة عند الأصحاب ، ولكن المعنى الأول أرجح بالنسبة لظاهر عبارة المصنف كما احتمله الشارح بدليلين :
الأول : قول المصنف : (ولا يلزم المستأمر الاختيار) وهو ظاهر في الأجنبي لأن الأجنبي لا يلزم باختيار الفسخ أو العقد ، وهو غير ظاهر في المشروط له لأنه يلزمه الاختيار بعد ما يأمر الأجنبي بالإجازة فلا يجوز له الفسخ.
الثاني : قوله : (وكذا كل من جعل له الخيار) ، وهو ظاهر في الأجنبي لأن له الاختيار بمعنى أن يختار الفسخ أو العقد ، وهذه الجملة معطوفة على جملتنا هذه ، وحكم المعطوف والمعطوف عليه واحد ، فلا بد أن يكون الموضوع فيهما واحدا ، وبما أن الموضوع في الثانية هو الأجنبي فلا بدّ من كون الموضوع في الأولى هو الأجنبي ، فيتعين قراءة الفتح ولهذين الدليلين إن قرئ المستأمر بالفتح فيلزم منه ما تقدم أن الأجنبي ليس له حق الفسخ ولا الإجازة ، بل له حق الأمر فقط.
هذا ما اشكله الشارح هنا على عبارة الماتن ، وفيه : أن المراد من العبارة هو المشروط له الخيار فلا بد من قراءة الكسر ولا تعارض حينئذ بين العبارة وبين معنى المؤامرة عند الأصحاب ، غايته يكون معناه أن المشروط له إن قال : فسخت بعد أمر الأجنبي له بالفسخ ، أو قال : أجزت ، بعد أمر الأجنبي له بالإجازة ، فهو ، وإن سكت بعد ما أمره الأجنبي سواء أمره بالفسخ أو العقد فالعقد على لزومه ولسكوته مجال إذ لا يجب على المشروط له اختيار قول الأجنبي إذ لا يجب عليه القبول كما تقدم.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فالقرينة الأولى التي أتى بها الشارح ، تكون دليلا له إن فسرناها بأنه لا يلزم على المشروط له الاختيار أي اختيار العقد أو الفسخ ، وأما لو فسرناها بأنه لا يلزم على المشروط له اختيار قول الأجنبي فلا تكون دليلا كما هو واضح ، ثم لو سلمنا أن المراد بالاختيار اختيار العقد أو الفسخ فهو غير متوهم ثبوته للأجنبي حتى ينفى ، لأن الأجنبي ليس له إلا الأمر فقط ، فيتعين أن يكون النفي للاختيار متوجها للمشروط له. ـ