أنبأنا أبو الحسن علي بن بركات بن إبراهيم ، نا أحمد بن علي بن ثابت ، أنا أبو الحسن ابن رزقويه ، أنا عثمان بن أحمد الدقاق ، وأحمد بن سندي ، قالا : حدّثنا الحسن بن علي بن ثابت (١) ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا إسحاق بن بشر ، أنا العمري عبد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
لمّا نبع الماء من حول سفينة نوح ، خرج رجل من تلك الأمة إلى فرعون من فراعنتهم فقال : إنّ هذا الذي تزعمون أنه مجنون قد أتاكم بما كان يعدكم ، فجاء يسير في موكبه وجماعة من أصحابه حتى وقف من نوح غير بعيد ، فقال لنوح : ما تقول؟ قال : أقول : قد أتاكم ما كنتم توعدون ، قال : ما علامة ذلك؟ قال : اعطف برأس برذونك ، فعطف برذونه ، فنبع الماء من تحت قوائمه ، فخرج يركض إلى الجبل هاربا من الماء.
قال : وحدّثنا إسحاق ، قال : وقال محمّد بن إسحاق : وسمعت من حدّثني عن جعفر بن محمّد بإسنادهم أنه قال : فار الماء من التنور (٢) [من دار نوح من تنور تختبز فيه ابنته ، فكان نوح يتوقع ذلك ، إذ جاءته ابنته فقالت : يا أبت قد فار الماء من التنور](٣) فآمن بنوح النجّارون كلّهم إلّا نجارا واحدا ، فقال له : أعطني أجري ، قال : أعطيك أجرك على أن تركب معنا ، قال : أيها المجنون ، أعطني أجري ، فإنّ ودّا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا سينجوني مما يريد بك إلهك ، فأخذ نوح فضة (٤) من أصحاب السفينة فدفعها إليه فقال : ستعلم أينا المجنون إذا حل العذاب غدا.
فأوحى الله إليه أن (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ، وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)(٥) ، وكان ممن سبق عليه القول امرأته والقة وكنعان ابنه ، فقال : يا ربّ هؤلاء قد حملتهم فكيف لي بالوحش والبهائم والسباع والطير؟ قال : أنا أحشرهم عليك ، فبعث جبريل ، فحشرهم فجعل يضرب يديه على الزوجين ، فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى
__________________
(١) قوله «بن ثابت» كذا بالأصل وم ، وسقطتا من «ز».
(٢) المراد بالتنور عند الجمهور : وجه الأرض أي نبعث الأرض من سائر أرجائها حتى نبعث التنانير التي هي محال النار وقال علي بن أبي طالب قوله : المراد بالتنور فلق الصبح وتنوير الفجر أي إشراقه وضياؤه وهذا قول غريب (البداية والنهاية ١ / ١٧٢ طبعة دار الفكر) وقال الليث : التنور لفظة عمت بكل لسان وصاحبه تنار ، وقال الأزهري : وهذا يدل على أن الاسم قد يكون أعجميا فتعربه العرب فيصير عربيا. وتنور على بناء فعّل لأن أصل بنائه تنّر ، وليس في كلام العرب نون قبل راء. قاله صاحب أحكام القرآن.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، وم.
(٤) بالأصل : من فضة ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٥) سورة هود ، الآية : ٤٠.