لما ركب نوح السفينة وحمل فيها من كل زوجين اثنين كما أمر ، فرأى في السفينة شيخا لم يعرفه فقال له نوح : ما أدخلك؟ قال : دخلت لأصيب قلوب أصحابك فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك ، قال نوح : اخرج منها يا عدو الله ، فإنك رجيم ، (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ)(١) ، فقال إبليس : خمس أهلك بهنّ الناس ، وسأحدثك منهن بثلاث ولا أحدثك بالثنتين ، فأوحي إلى نوح أنه لا حاجة لك بالثلاث ، مره يحدثك بالثنتين ، قال : فهما أهلك الناس وهما لا يكذبان هما اللتان لا يخلفاني الحسد ، وبالحسد لعنت ، وجعلت شيطانا رجيما ، والحرص ، أتيح آدم الجنة كلها ، فأصبت حاجتي منه بالحرص.
قال عبد الله بن محمّد : حدّثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدّثنا جرير عن (٢) الأعمش ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية قال :
لما رست السفينة ، سفينة نوح ، إذا هو بإبليس على كوثر السفينة فقال له نوح : ويلك قد غرق أهل الأرض من أجلك ، قد أهلكتهم؟ قال له إبليس ـ فما أصنع؟ قال : تتوب قال : فسل ربّك هل لي من توبة ، فدعا نوح ربه ، فأوحي إليه : إنّ توبته أن يسجد لقبر آدم ، قال : قد جعلت لك توبة ، قال : وما هي؟ قال : تسجد لقبر آدم (٣) ، قال : تركته حيا وأسجد له ميتا؟!.
كتب إلي أبو محمّد عبد الرّحمن بن حمد (٤) بن الحسن ، وأخبرني أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل عنه ، أنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمّد ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسحاق ، أنا أبو عبد الرّحمن النسائي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، نا وكيع ، نا سعد ابن أوس ، عن أنس بن سيرين قال : سمعت أنس بن مالك يقول : إنّ نوحا عليهالسلام نازعه الشيطان في عود الكرم ، وقال : هذا لي ، فاصطلحنا على أنّ لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها.
أنبأنا أبو الحسن علي بن بركات ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقّاق ، وأحمد الحداد ، قالا : أخبرنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، عن إسحاق ، عن هشام بن حسان ، عن محمّد بن سيرين ، عن كعب الحبر (٥).
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ٣٥.
(٢) الأصل وم : «بن» والمثبت عن «ز».
(٣) أقحم بعدها بالأصل : قال : قد جعلت لك توبة ، قال : وما هي؟ قال : تسجد لغير آدم.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : أحمد.
(٥) بالأصل وم : كعب الخير ، والمثبت عن «ز».