أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : أخبرنا الحسن بن علي ، أنا إسماعيل بن عيسى ، نا إسحاق ابن بشر ، قال : وقال محمّد بن إسحاق يبلغ به ابن عبّاس :
لو لا ماء الأرض استقبل ماء السماء فردّ شدته لخرق (١) [الأرض](٢) ماء السماء حتى يتركها كهيئة الغربال فلا ينتفع بها ، ولكنه صنعه كيف شاء وما شاء عزوجل.
قال : وأخبرنا إسحاق قال : وقال جويبر ومقاتل عن الضحّاك عن ابن عباس أنه سئل كيف كانوا يعرفون مواقيت الصّلاة في السفينة؟ قال : أعطى (٣) الله نوحا خرزتين إحداهما بياضها كبياض النهار ، والأخرى سوادها كسواد الليل ، فإذا أمسوا غلب سواد هذه بياض هذه ، وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه على قدر الساعات الاثني عشر (٤) ، فأول من قدّر الساعات الاثني عشر (٥) ما لا يزيد بعضها على بعض نوح في السفينة ليعرف بها مواقيت الصلاة ، فسارت السفينة من مكة حتى أخذت إلى اليمن ، فبلغت الحبشة ، ثم عدلت حتى رجعت في جدة ، ثم أخذت على الروم ثم جاوزت الروم فأقبلت راجعة على جبال أرض المقدسة ، وأوحى الله إلى نوح أنها تستوي على رأس جبل ، فعلمت الجبال بذلك ، فتعطلت لذلك ، وأخرجت أصولها من الأرض ، وجعل جودي يتواضع لله عزوجل قال : فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها فلما انتهت إلى الجودي استوت ورست فذلك قوله : (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٦) قال : فشكت الجبال إلى الله تعالى ، فقالت : يا ربّ إنّا تطلّعنا وأخرجنا أصولنا من الأرض لسفينة نوح ، وخنس جودي ، فاستوت سفينة نوح عليه ، فقال الله : إنّي كذلك ، من تواضع لي رفعته ومن ترفّع لي وضعته.
ويقال : إنّ الجودي من جبال الجنّة ، قال : فلما أن كان يوم عاشوراء استوت السفينة عليه ، وقال الله : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) بلغة الحبشة فابتلعت (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) أي أمسكي ـ بلغة الحبشة ـ فابتلعت الأرض ماءها ، وارتفع ماء السماء حتى بلغ أعنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه ، فأوحى الله إليه أن ارجع ، فإنك رجس وغضب ، فرجع الماء ، فملح وخم
__________________
(١) في م : «يحرق» وفوقها ضبة.
(٢) سقطت من الأصل وم و «ز» ، واستدركت عن المختصر.
(٣) الأصل وم : أعطاه ، والمثبت عن «ز».
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» : «الاثني عشر» والوجه : الاثنتي عشرة.
(٥) راجع الحاشية السابقة.
(٦) سورة هود ، الآية : ٤٤.