وأسكن الحرم ، فمسح يده على عنقها ، وطوقها ، ووهب لها الحمرة في رجليها ، ودعا لها وأسكنها بالحرم ، فمسح يده وبارك عليها فقال : بارك الله فيك وفي سبيلك ، وجعلك محببة (١) أنيسة ، فمن ثمّ أشغف بها الناس ودعا لنسلها ، فقال : جعل الله في نسلك شفاء للمريض وتحفة للصحيح.
ثم خرج فنزل قردى (٢) وبازبدى (٣) بأرض الموصل وهي قرية الثمانين لأنه نزل في ثمانين ، فوقع فيهم الوباء ، فماتوا إلّا نوح وسام وحام ويافث ، ونساءهم ، ستة وسابعهم نوح وطبقت الدنيا منهم ، وذلك قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ)(٤)(٥).
أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن (٦) بن الحسين ، أنا أبو الحسن محمّد بن علي بن صخر الأزدي ـ إجازة ـ حدّثني أبو العلاء علي بن أحمد بن موسى الأهوازي ، نا علي بن إسحاق ـ يعني ـ ابن البختري المادراني ، نا عمر بن مدرك الرازي ، نا سهل بن عثمان أبو مسعود ، نا خالد الزيات قال :
بلغنا أن نوحا ركب السفينة أول يوم من رجب وقال لمن معه من الجن والإنس : صوموا هذا اليوم فإنّه من صامه منكم بعدت عليه النار مسيرة سنة ، ومن صام منكم سبعة أيام [أغلقت عنه أبواب النار السبعة ، ومن صام منكم ثمانية أيام](٧) فتحت له أبواب الجنّة الثمانية ، ومن صام منكم عشرة أيام قال الله له سل تعط ، ومن صام منكم خمسة عشر يوما قال الله تعالى له : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى ، ومن زاد زاده الله ، فصام نوح في السفينة رجب وشعبان ورمضان وشوال وذا القعدة وذا الحجة وعشرا من المحرم ، فأرست السفينة يوم العاشوراء فقال نوح لمن معه من الجن والإنس : صوموا هذا اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وحواء ؛ قال خالد الزيات : وهو اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس ورفع عنهم العذاب ، وهو اليوم الذي فرق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، فنجّى الله فيه موسى ومن معه ، وغرق فرعون وآل فرعون ، وهو اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم.
__________________
(١) الأصل وم : «؟؟؟ حيبة» والمثبت عن «ز».
(٢) قردى قرية في شرقي دجلة ، وفي أعمالها (معجم البلدان).
(٣) بازبدى قرية في غربي الجزيرة (معجم البلدان).
(٤) سورة الصافات ، الآية : ٧٧.
(٥) راجع تاريخ الطبري ١ / ١٨٩.
(٦) الأصل : الحسين ، والمثبت عن «ز» ، وفي م : «أبو الحسن علي بن الحسين».
(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز».