موسى بن عبيدة ، عن محمّد بن كعب القرظي في قول الله تعالى : (يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ)(١) وليس في الأرض أحد إلّا نوح وأصحاب السفينة ، لا مؤمن ولا مؤمنة ظاهر فيما بقي من ذلك إلى يوم القيامة إلّا دخل في السلام والبركات ، ولا بقي كافر ولا كافرة إلى يوم القيامة إلّا دخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم.
أخبرنا أبو سعد محمّد بن محمّد بن محمّد المطرز ، وأبو الفضل جعفر بن عبد الواحد ابن محمّد ـ إذنا ـ وأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء شفاها ، قالوا : أخبرنا منصور بن الحسن ، وأحمد بن محمود ، قالا : أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، نا يوسف بن يعقوب المقرئ الواسطي ، نا محمّد بن خالد ، نا فرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي أمامة قال : سمعته يقول :
لم يتحسر أحد من الخلائق كحسرة آدم ونوح ، فأما حسرة آدم فحين أخرج من الجنّة ، وأمّا حسرة نوح فحين دعا على قومه فلم يبق شيء إلّا غرق إلّا ما كان معه في السفينة ، فلما رأى الله حسرته أوحى إليه : يا نوح ، لا تتحسر ، فإنّ دعوتك وافقت قدرتي (٢).
أخبرنا أبو الحسن علي بن بركات ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه ، أنا عثمان بن أحمد ، وأحمد بن سندي ، قالا : أخبرنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل ابن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أخبرني إدريس ، عن وهب قال :
قال الله لنوح : اهبط بسلام منا ، فلمّا هبط من السفينة قال الله : يا نوح هل تعلم ما صنعت وما صنعت بك؟ وفيما استجبت لك؟ ومن أهلكت من أعدائي؟ فكيف أهلكتهم؟ يا نوح إنّي خلقت خلقي لعبادتي ، وأمرتهم بطاعتي ، فعصوني ، وعبدوا غيري ، واستأثروا معصيتي على طاعتي حتى استوجبوا غضبي ، فعذبت بمعصية العاصين من لم يعصني ، وأهلكت بهلاك الخاطئين جميع خلقي ، فمن مثلي؟ ومن يقدر مثل قدرتي؟ وإنّي أقسمت بعزّتي اليوم ، وأيّ شيء مثلي؟ ومن أوفى بعهده مني؟ إني لا أعذّب بالغرق العامة بعد هذا ، ولا أعذب بمعصية العاصين بعدها جميع خلقي ، ولكن أجعل الدنيا دولا بين عبادي ، ثم أجزيهم يوم يجتمعون (٣) عندي ، وإني جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي وموثقا بيني وبين
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٤٨ وفي «ز» : عليكم بدلا من «عليك».
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» : «قدرتي» وفي المختصر : قدري.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : يجمعون.