وأفامية (١) وكفر طاب ، وقدم دمشق من أطرابلس (٢) لأخذ أبيه حصن الدولة بن منزو إلى أبي الحسن بن عمّار لمّا تزوجها ذكر لي الأمير أبو المغيث منقذ بن مرشد بن منقذ أنه كان جوادا كريما ، شجاعا ، صواما قواما وكان بارّا بأبيه ، حسن الفعل معه.
حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أبي سلامة مرشد بن علي قال : مات جدي الأمير أبو الحسن ، وتولى الأمر بعده عمي عز الدولة أبو المرهف نصر ، وهو الذي ربّى إخوته ، وكان نصر من زهّاد المسلمين ، وأهل القرآن ، وكان له شعر في الزهد ، وكان برّا بوالده ، فعمل فيه والده :
جزى الله نصرا خير ما جزيت به |
|
رجال قضوا فرض العلا وتنفلوا |
هو الولد البرّ اللطيف فإن رمى |
|
به حادث فهو الحمام المعجل |
سألقاك يوم الحشر أبيض واضحا |
|
وأشكر عند الله ما كنت تفعل |
وهي عدة أبيات ، زادني فيها أبو المغيث عن أبيه لجده :
إلى الله أشكو من فراقك لوعة |
|
ثبتت في الأحشاء يوم تزلزل |
تفديك يا نصر رجال محلهم |
|
من المجد والإحسان أن يتقوّلوا |
وحدّثنا أبو عبد الله قال : ولما مرض عزّ الدولة ... (٣) ما كان له من شعر ، فمن ذلك ما كان [والدي يحفظه حين أتته أمشاط من مصر آبنوس وعاج ، فأنشده :](٤)
كنت أستعمل البياض من الأمشاط |
|
عجبا بلمتي وشبابي |
فاتّخذت السواد في حالة الشيب |
|
سلوا عن الصبا بالتصابي |
أنشدني أبو المظفّر أسامة بن مرشد بن علي الكناني وكتبه لي بخطه ، أنشدني والدي أبو سلامة مرشد بن علي ، أنشدني أخي أبو المظفّر نصر لنفسه :
كنت أستعمل البياض من الأمشاط |
|
عجبا بلمتي وشبابي |
فاتّخذت السواد في حالة الشيب |
|
سلوا عن الصبا بالتصابي |
__________________
(١) أفامية : مدينة حصينة من سواحل الشام وكورة من كور حمص ، ويسميها بعضهم فامية (معجم البلدان).
(٢) في «ز» : الطرابلسي.
(٣) غير مقروءة بالأصل ، وتقرأ في م و «ز» : غسل.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز».